توسع الفتح الإسلامي في إقليم كالابريا الإيطالي
صفحات مَنْسِيَّة من تاريخ الإسلام في إيطالِيَّة
لقد اتسمت غزوات المسلمين لإقليم كالابريا بالغَزارَة، والسّعَة، ولا يُمَثِّل ما سبق ذِكْرُه في الحلقة السابقة إلا نماذج من تلك الغزوات، وأمثلة مما صاحَبَها من فتوحات.
مدينة أوريو[1] التي هوجمت عام 977 م، ومدينة جراتشة gerace التي نهبها المسلمون ـ على حد تعبيرهم ـ سنة 986 م[2]، ولعلها مدينة جراجة المذكورة في العديد من المصادر التاريخية العربية[3]، ومدينة نقوطرة، أو نقطرة التي غزاها أبو عبد الله ابن ميمون من قبل علي بن يوسف بن تاشفين كما سبق، وهاجمها ابن عَبَّاد كما مر أيضًا، ولم يتيسر تعيين المراد بها في الوقت المعاصر.
المصدر: موقع الألوكة.
[1] هكذا وقع اسمها في القوى البحرية والتجارية (ص306)، ووقع في أطلس تاريخ الإسلام (ص291) أن وادي واريoria في كلابريا قد تَعَرَّض لغارة مشهورة قام بها أسطول للدولة العُبَيْدِيَّة أيام المَهْدِي العُبَيْدِي، أي منذ الأيام الأولى لدولتهم، وعادت تلك الغارة بغنائم وفيرة جدًا، وتقع مدينة واري حسب الخرائط التي أوردها الدكتور حسين مؤنس في كتابه المذكور (ص280،164،163)، وهي مثبتة بهذا الاسم في الخريطة رقم (1)، ورقم (5)، وأسماها في الخريطة رقم (3) ماري، ولكنها تقع على كل حال حسب تلك الخرائط في إقليم بوليا، لا كالابريا.
ولعلها هي المقصودة في كلام أرشيبالد المذكور أعلاه، ولعلها غيرها، فالله أعلم.
[2] القوى البحرية والتجارية (ص307).
[3] قال ابن الأثير في الكامل (7/224): وعَدَّت العساكر الإسلامية إلى ريو، وبَثَّ الحسن السَّرايا في أرض قلورية، ونزل الحسن على جراجة، وحاصرها أشد حصار، وأشرفوا على الهلاك من شدة العطش، فوصلهم الخبر أن الروم قد زحفوا إليه، فصالح أهل جراجة على مال أخذه منهم، وسار إلى لقاء الروم، ففرُّوا من غير حرب إلى مدينة بارة ـ أي باري ـ ونزل الحسن على قلعة قسانة، وبَثَّ سراياه إلى قِلَّوْرِيَة، وأقام عليها شهرًا، فسألوه الصلح، فصالحهم على مال أخذه منهم.
ووقع في المطبوع من تاريخ ابن خلدون بالخاء المعجمة الفوقية، بدلًا من الجيم المعجمة التحتية (خراجة)، قال (4/209): وبعث ملك الروم بطريقًا في البحر في عسكر كبير إلى صقلية، واجتمع هو والسردغوس، واستمد الحسنُ بن على المنصورَ، فأمدَّه بسبعة آلاف فارس، وثلاثة آلاف وخمسمائة راجل، وجمع الحسن من كان عنده، وسار برًا وبحرًا، وبعث السرايا في أرض قلورية، ونزل على أبراجه ـ كذا والظاهر أن المراد بها مدينة خراجة أيضًا ـ فحاصرها، وزحف إليه الروم، فصالحه على مال أخذه، وزحف إلى الروم ففروا من غير حرب ـ ويبدو أن في سياق العبارة خَلَل ـ ونزل الحسن على قلعة قيشانة، فحاصرها شهرًا، وصالحهم على مال، ورجع بالأسطول إلى مسينى، فشتى بها، وجاءه أمر المنصور بالرجوع إلى قِلَّوْرِيَة، فعبر إلى خراجة، فلقى الروم والسردغوس، فهزمهم، وامتلأ من غنائهم، وذلك يوم عرفة سنة أربعين وثلاثمائة، ثم سار إلى خراجة، فحاصرها، حتى هادنه ملك الروم قسطنطين، ثم عاد إلى ريو، وبنى بها مسجدًا وسط المدينة،انتهى.
[4] معجم البلدان (4/392).
[5] المسلمون في أوروبا وأمريكا (ص155).
[6] نزهة المشتاق في اختراق الآفاق (ص341)، (ص347)، (ص358). وقد ذكر في الموضع الثالث أن هناك مدينة ملف برية، وأخرى ساحلية.
[7] انظر: الخرائط التوضيحية الملحقة بالبحث، وهي فيها باسم أمالفي.
[8] انظر: المسلمون في أوروبا وأمريكا (ص156) مع مراعاة ما وقع فيه من سبق قلم أو خطأ مطبعي من نسبة الهجوم المذكور للحفصيين، وهو خطأ يقيني، لا يقع مثل الكتاني رحمه الله فيه إلا على سبيل السهو؛ لأنه لا يخفى على أحد طالع التاريخ أن دولة الحفصيين لم تنشأ إلا بعد التاريخ المذكور بما يزيد على ثلاثة قرون، كما أن سياق حديثه في الفقرة التي وقعت فيها تلك العبارة كان يدور عن الأغالبة وحدهم، وكانوا الدولة الأغلبية هي القوة الإسلامية التي صدرت نفسها للغزو والفتح في تلك البقاع في تلك الفترة، مع ما كان يشارك به أحيانًا المسلمون في جزيرة كريت، وربما شارك أهل الأندلس في ذلك أيضًا.
[9] انظر: القوى البحرية والتجارية (ص216).
[10] يبدو أن قطرونية هذه هيأقروطونةأو كروتوني التي سبق أن ذكرنا انهزام جيش أوتو الثاني على يد الكلبيين عندها، وهي واقعة بالفعل في إقليم كالابريا حسب الخريطة التي أوردها حسين مؤنس في كتابه أطلس تاريخ الإسلام (ص163)، وهي الخريطة رقم (2) في الخرائط الملحقة بالبحث.
[11] تتمة كلام ابن حوقل: ثم بعد ذلك على الساحل جون البنادقيين، وفيه جزائر كثيرة مسكونة، وأمم كالشاعرة، وألسنة مختلفة بين أفرنجيين، ويونانيين، وصقالبة، وبرجان ،وغير ذلك، ثم أرض بلبونس واغِلَة في البحر، شكلها شكل قرعة مستطيلة،انتهى. قال شكيب أرسلان في هامش (ص154) : يريد ببلبونس شبه جزيرة المورة،انتهى. وشبه الجزيرة المذكورة من أرض اليونان.
[12] راجع هامش رقم (49)؛ فقد ذكرها ابن الأثير، وابن خلدون في تاريخيهما، وفيهما أن الحسن نزل على قلعة قسانة، ولعل المراد بها قلعة المدينة، لا أن المسماة بهذا قلعة فحسب. وقد وقع في تاريخ ابن خلدون (قيشانة) بالشين المعجمة.
[13] هامش تاريخ غزوات العرب (ص154).
[14] انظر موقع أرض أنكبردة في الخريطة رقم (4) من الخرائط التوضيحية. وأغلب الظن أن شكيب أرسلان كان ينقل عن مصدر ما؛ لأن تعقيبه على كلام المسعودي قد ختمه بقوله: انتهى، ولا يظهر بعد تَفَحُّص كلامه ماهية المصدر المنقول منه، ولا سبب عدم تعقبه له.
[15] انظر: مروج الذهب (2/39).
[16] اللومبارديين هم قوم من الجرمان، استوطنوا شمال إيطاليا في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي، وأخذوا في التوسع السريع، حتى استولوا على تسكانيا، ووسط إيطاليا، وامتد حكمهم إلى بنفنتم، فضلًا عن السهول الشمالية التي التصق بها اسمهم إلى اليوم، ولا يزال إحدى أقاليم إيطاليا العشرين يحمل اسم لومبارديا، وهو في شمال البلاد على حدود سويسرا. انظر: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى لسعيد عبد الفتاح عاشور (ص109 ـ ص126)، وأوروبا في العصور الوسطى لديفز (ص40،39)، وتاريخ أوروبا الحديث لجفري براون (ص101) .
[17] في المطبوع من مروج الذهب النوكبرد.
[18] انظر: الجغرافيا (ص69). والمذكور هو مختصر كلامه؛ لأن يذكر كثيرًا من التفاصيل الجغرافية، وغيرها. وانظر: نزهة المشتاق (ص342،341)، ففيهما ـ لاسيما الموضع الأول ـ مزيد بيان.
[19] المرجع السابق (ص61).
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول