تحذيرات وتحليلات لقرار العفو العام

بداية أتوجه لجميع أهلنا الكرام في سورية الحبيبة بأطيب التهاني بقدوم عيد الفطر فتقبّل الله طاعتهم، وأعاد الله علينا جميعاً رمضان والعيد بالخير والبركة والنصر والمسرات.
سمعنا منذ يومين خبر قرار العفو العام الذي أصدره المجرم السفاح بشار الأسد، والقاضي بالعفو العام عن الجرائم الخاصة بالإرهاب، فما حقيقة هذا العفو، ولماذا خرج الآن، وما الوجب علينا من خلاله؟!
لقد خرج هذا العفو بالتزامن مع فضيحة مجزرة حيّ التضامن الدمشقي مباشرة التي ارتكبها عناصر وشبيحة بشار الأسد، وكذلك عقب إفصاح البيت الأبيض عن ممتلكات وحجم أموال المجرم بشار وزوجته وما يحوم حولها من شُبهات فساد وغير ذلك من البلايا، أيضاً بعد الانهيار الاقتصادي الكبير الذي مني به النظام السوري بعد العدوان الروسي على أوكرانيا، وانشغال بوتين بحربه الأوكرانية عن صبيه بشار، كلّ ذلك كان من دواعي إصدار هذا العفو، فبهذا العفو الخُلبي يطمح النظام لتحقيق أغراض عدة، منها:
1. تلميع صورته أمام المجتمع الدولي، فيدعي بأنّه يُكافح الإرهاب في سورية، وبنفس الوقت يصور نفسه أنه يتسعُ صدره للعفو عن مرتكبي تلك الجرائم التي لم تتسبب بالقتل.
2. خرج هذا العفو في وقت ضجّ العالم بفيديو مجزرة حيّ التضامن، فأراد الجاني تشتيتَ نظر العالم عن فضيحة فروع مخابراته المجرمة.
3. كان العفو تخديراً لمن بقي من شعبه الرازح تحت حكمه الظالم، حيث الظروف المعيشية المزرية البائسة، فالمواطن لا يستطيع البقاء في بلده الفاقد لأدنى مُقومات الحياة، وكذلك لا يقدر على الهروب منه، فتكاليف السفر تحتاج شوالات من ليرات الأسد، بل بات بعض شعبنا يحسد شهداء مجزرة التضامن على شهادتهم وخلاصهم من حياة يسودها الذل والفقر والحرمان في ظلّ عائلة الأسد.
4. أظن بعد هذا العفو سيقوم نظام الأسد بحملة بروباغندية عبر مسرحية هزلية كعادته، مضمونها رجوع الآلاف من المهجرين إلى بلدهم، والازدحام في مطار دمشق الدولي، وعودة الحياة كما كانت وأفضل حسب السيناريو المرسوم لهذه اللعبة الخبيثة.
5. هذا العفو سيفتح باب الأموال الداخلة إلى سورية على مصراعيه، إمّا عن طريق نهب العائدين المخدوعين وهم قلة، أو بفتح باب الحوالات إلى سورية، فالمهم لديه هو أموال المهجرين فقط، طبعاً طرق النهب لديه متعددة منها الضرائب.
6. يطمح النظام من خلال هذا العفو إعادة ملء السجون مرة أخرى بمعارضيه الحمقى الذي سيُصدّقون كلامه بعودتهم، فما أفرغه العفو ملأه العائد، ولا أظنّه سيصل إلى بُغيته.
7. يحمل قرار العفو في طياته العفو عن جميع المجرمين من تجار مخدرات، وفساد أموال، واتجار بالبشر والسلاح، ونهب واختلاس وقتل، فأظنه يحتاج لهذه الفئات في قادم الأيام بغياب اللاعب الروسي.
إنّ كذب النظام ودجله كـوّنَ لدى شعبنا مناعة من تصديقه، فلا أظنّ أنّ هناك عاقل يقنع بدجل النظام السوري في هذا العفو الكاذب، وقد رأينا الكثير من السوريين المبعدين الذي خُدعوا بعد قرارات العفو في السنوات الماضية، الذين أرادوا فتح صفحة جديدة في بلادهم، فبعدما خطتْ أقدامهم أرض مطار دمشق الدولي فإذا بشبيحة النظام يمسكون بهم ويسوقونهم إلى أقبية الموت في فروع المخابرات، فبعضهم دفعَ عشرات الملايين ليخرج ويسلم من أذاهم، وبعضهم لا يزال في غيابت الجبّ لا تعرف له حياة أو موت.
إنّ تصرفات المجرم اليوم باتتْ مكشوفة الأبعاد لدى جميع أهلنا، لذا تحتّم علينا الآن عدم أخذ قراراته على محمل الجد، بل علينا أن نعلم ما الشيء الذي أراد إخفائه أو إظهاره من وراء هكذا قرارات ثمّ التركيز عليها، كالتركيز على تلك الجرائم التي أفقدته صوابه، فقضية مجزرة التضامن يجب إلا تُغلق أو تُشوه أو يُتغافل عنها، فهي نقطة في مقتل النظام علينا استغلالها والعمل عليها.
وكذلك علينا أن نساعد ونسعى في إخراج تلك الحقائق المدفونة التي يخشاها النظام إلى الحياة، فأمثال مجزرة وجورة حي التضامن بالآلاف، وبعضها مُوثق تحتاج لقلوب فولاذية وإرادة قوية ونفسٍ طويل وتضحية شجاعة للإيقاع بالظالم وأعوانه، والانتصار لقضيتنا العادلة وشهدائنا الأبرار تقبّلهم الله جميعاً.
وأرى أنّه لزاماً علينا تحذير جميع السوريين بعدم تصديق هذا النظام الآثم بأيّ كلمة يقولها أو عهد يقطعه أو قرار يتخذه، وعلى أهلنا في الداخل منع أبنائهم المهاجرين من العودة إلى سورية حفاظاً على أرواحهم، فإنّه سيكون بانتظارهم إمّا شبيحة الفروع الأمنية لاقتيادهم إلى المعتقلات، أو شبيحة شُعَبِ التجنيد لسوقهم إلى معاركهم الطائفية كعساكر، أو شبيحة الضرائب وسرقة الأموال لنهب ممتلكاتهم وأموالهم، فو الله لا أصدّق نظام بشار الأسد وأعوانه، ولا آمنهم ولا أثق بهم ولو رأيتهم يتمسحون بستار الكعبة، ويتضرعون بُكياً في صلاة القيام، فالخيانة صفة راسخة في جيناتهم المتوارثة، والكذب النذالة رضعوه مع حليبهم النتن، فلعنة الله على بني صهيون، وألف لعنة على بني قِرداح.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين