تجاربنا مع العدو الصهيوني

وإذا كان المرء حريصاً على الانتفاع من تجارب الواقع العملي التطبيقي، فإن النتيجة من وراء ذلك كله، تخدم الفكرة التي يحاول هذا الحديث الخروج بها.

انظُرْ إلى تجارب الواقع تَجِدْ أن هذه الأمة ما تركت دينها إلّا شقيَتْ وضلَّتْ ودفعت ثمناً باهظاً لذلك، وما عادت إليه إلّا بدأتْ عهداً من الانتصار والغلبة والفوز. ودعك من تجارب الواقع في الماضي، وانظُرْ إلى تجارب الواقع المعاصر الآن.

وسنحاول أن نركّز استخلاص العبر والدروس، من تجارب إحدى أخطر قضايانا المعاصرة، هي القضية الفلسطينية.

لقد نشبت بيننا وبين عدونا اليهودي في فلسطين سلسلة من الحروب يحسن بنا أن نتأملها:

في حرب عام 1948م هزمنا الكيانُ اليهودي علماً أنه كان ناشئاً متواضع الإمكانات، ويمكن أن تعد هذه الهزيمة، هزيمةً للأنظمة الرأسمالية والفكر الديمقراطي الغربي الذي كان سائداً في بلادنا يومذاك.

وفي حرب عام 1956م كان النصر حليف اليهود كذلك، وهزيمتنا هذه يمكن أن تعد هزيمة للفكرة القومية الجاهلية التي سادت يومذاك.

وفي حرب عام 1967م كان النصر حليف اليهود أيضاً، وهزيمتنا هذه، يمكن أن تعد هزيمة لليسار والشيوعية والاشتراكية، وأفكارها وأنظمتها.

وفي عام 1973م فُزْنا بنصر جزئي على اليهود، لكنَّ هذا النصر الجزئي كاد يزلزلهم ويقتلعهم من جذورهم. وهذا النصر الجزئي الذي فزنا به إذ ذاك؛ يساوي بالضبط حجم عودتنا الجزئية إلى الدّين إبّانَ تلك الحرب.

أحسب أن العبرة واضحة، لقد جرّبنا الرأسمالية والاشتراكية، والشيوعية والديمقراطية، واليمين واليسار، والقومية العصبية الجاهلية، فما حصدنا إلّا الشوك والهزيمة والعار خلال ثلاث حروب، ثم جرّبنا العودة المتواضعة إلى الدين ففزنا بنصر متواضع. وهكذا يبدو أن سرَّ سعادتنا وفوزنا يكمن في موقفنا من الدين.

إنّه كما دلّت تجربتنا المعاصرة الدامية ما نأينا عنه إلّا خسرنا وهُنّا وتمزقنا، وما تمسّكنا به إلا ظفرنا وتوحدنا وعززنا.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين