بين الدولة العادلة الكافرة والدولة الظالمة المسلمة

(إن الله يقيم الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة. فإن العدل مع الكفر يدوم والظلم مع الإسلام لا يدوم). من كلام ابن تيمية رحمه الله.

والمتأمل في أحوال دول الإسلام يجدها قد انغمست منذ زمن في الظلم، بل تفنَّنت فيه على جميع المستويات، لم يعد الإنسان فيها يشعر بالاطمئنان ولا بالشعور الوطني والإحساس بالانتماء لهذه الديار.

تجد فيها جور الحكام وحاشيتهم، فقد باعوا أوطانهم وشعوبهم لأعداء الأمة، وخانوا رسالتهم، وظلم أرباب المال الذين أصبحوا يتحكّمون في أرزاق العباد وفي قوت يومهم بلا حسيب ولا رقيب، بل إن طبقة حكام المسلمين هم أهل التجارة فهم بذلك أصحاب السياسة والتجارة، وهذا من أبشع الفساد الذي حذر منه حذاق العلماء وفحول الخبراء، من أمثال ابن خلدون، وجور الطبقة المثقفة لاسيما رجال التعليم ، الذين تفنَّن بعضهم في تزوير محاضر الأطروحات والمباريات بعرض من الدنيا زائل، وأفحش جور وظلم هو جور بعض من ينتسبون إلى العلماء حيث يزينون ويباركون للطواغيت أعمالهم ويصبون عليهم ركاما من التبجيل والتمجيد والفخفخة، بل منهم من يحرِّف الكلم عن مواضعه. 

أما قضاؤنا وقضاتنا فيقيمون الظلم، ويصبحون ويمسون عليه حتى صار بعضهم هو الظلم بعينه لا لشيء إلا لكونه حاد عن الحق وحرَّف الأحكام وظلم العباد فأي قلوب هذه التي تتلذَّذ بالظلم والحكم به ؟ ألا يشعر هؤلاء أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين!.

فأي نهضة ننشد نحن في ظل الظلم والفساد، وأي رقيّ نطمح إليه وأوضاعنا فاسدة جائرة أهذه هي خير أمة أخرجت للناس، حاشا لله أن تكون كذلك وكأنّي بتلك الآية خاصة بالرعيل الأول أو من شابههم فحقق مقتضياتها.

من العار والشنار أن تجد ملة غير الإسلام الغربية قائمة بالعدل والمحاسبة للصغير والكبير لا يخلد فيها المسؤولون أليست بكل صراحة ووضوح تستحق الاستمرار وأن تبقى قائمة في ظل غياب النموذج الإسلامي العادل والحضاري؟ لا شك في ذلك والنماذج التي يتحدث الناس عنها كثيرة وأنا أعرف شيئا منها.

إنَّ أمة الإسلام اليوم أمة الظلم والفساد والجور والاستبداد، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. والله المستعان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين