بيان هيئة علماء المسلمين بلبنان حول كورونا والجمعة والجماعات

الحمد لله القائل: ﴿وما نرسل بالآيات إلا تخويفا﴾، والصلاة والسلام على رسول الله الذي كان من هَدْيه وحاله تفاعلُه مع الآيات الكونية بالخوف من الله سبحانه؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان إذا رأى غَيْماً أو ريحاً عُرِف ذلك في وجهه، فقالت: يا رسول الله، أرى الناس إذا رأَوْا الغيم فَرِحوا رجاءَ أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَه عرَفْتُ في وجهك الكراهية؟ فقال: يا عائشة،ما يؤمِّنُني أن يكون فيه عذاب، قد عُذِّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: ﴿هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا﴾"رواه مسلم.

أمام إعلان منظمة الصحة العالمية: *تحوُّل فيروس كورونا إلى وباء عالمي* ما يعني أنه خرج عن حدود السيطرة، ولم تعد أيُّ دولة محصَّنة منه بعد أن وصل إلى حوالَيْ مئة دولة، وبعد الذعر والهلع الذي أصاب البشرية بسبب هذا الوباء يهم *هيئة علماء المسلمين في لبنان* بيان التالي:

١- أظهر الوباء ضَعف الإنسان، حيث إن مخلوقاً ضعيفاً لا يُرى بالعين المجردة يهزم حضارةً لسانُ حال أهلها يقول (من أشدُّ منّا قوة ؟) فإذا بجندي من أضعف خَلْق الله يتغلب على الأساطيل الحربية، والأسلحة النووية، والصواريخ الذكية !

٢- نذكِّر أن هذا الوباء آية من آيات الله أرسلها الله يخوِّف بها عباده، قال تعالى: ﴿وما نرسل بالآيات إلا تخويفا﴾. ويُثْبت من خلالها لمن اتخذوا من دونه أولياء أنهم لا يملكون لهم ضَرّاً ولا نَفعا، قال تعالى: ﴿قل ادْعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضُّرّ عنكم ولا تحويلا﴾.

٣- نؤكِّد أن سبب هذا الوباء ما أحدثته البشرية من ظلم وفجور وإباحية، وتناول للخبائث، وتعامل بالحرام، مع حرب معلنة على شريعة الله وأحكام دينه، مما يوجب علينا المسارعة إلى التوبة إلى الله، والإنابة إليه، لأنه ما وقع بلاء إلا بذنب ولا يُرفع إلا بتوبة، وحينها نحوِّل المحنة إلى منحة والعذاب إلى رحمة، وقال صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إنّ أمرَه كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إنْ أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم.

٤- نبيّن ما أكّدَتْه الشريعة الإسلامية من *وجوب الأخذ بأسباب الوقاية* من هذا الوباء، وسبل السلامة منه، ونتواصى بذلك من غير إفراط ولا تفريط، ولا تهويل ولا تهوين، ونذكّر بأن حفظ النفوس من مقاصد الشريعة الكبرى، والأخذ بالأسباب مع التوكل على الله من تمام التوحيد وصميم الإيمان وركائز العقيدة الكبرى، مع الدعاء والتضرع إلى الله أن يعافِيَنا، ويقِيَنا شر هذا الوباء.

٥- كما نؤكِّد على أن صلاة الجمعة من شعائر الاسلام، وإقامتها وشهودها واجبان على الرجال المكلَّفين، أما المريض بهذا الوباء فيُعذر في التغيُّب بل يجب عليه، والخائف على نفسه بغلبة ظنّ لا بوهْم كأن يكون ضعيف المناعة أو من أصحاب الأمراض المزمنة له تجنُّب المساجد، وعلى كل من يحضر لصلاة الجماعة والجمعة الأخذ بنصائح الخبراء، ومنها: الغُسل قبل الجمعة - الوضوء والتعقيم في المنزل - استخدام الكمّامة - التعقيم قبل دخول المسجد وبعد الخروج منه - وله اصطحاب سجَّادة خاصة به.

••وأخيراً نسأل الله أن يردَّنا وسائر المسلمين إلى دينه ردّاً جميلاً لنضطلع بدورنا الحضاري، ونكون خيرَ أمّة أُخرجت للناس، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونُسْهم في إنقاذ البشرية من التِّيه الذي تتخبّط فيه والشقاء الذي تعيشه، سائلين المولى عزّ وجلّ أنْ يسلِّم كوكبنا وأمّتنا وبلادنا من هذا الوباء ومن كل بلاء. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

هيئة علماء المسلمين في لبنان

بيروت 17/ رجب/ 1441 =١٢ / ٣ / ٢٠٢٠