بيان رابطة العلماء السوريين بشأن محاولة الانقلاب على خيارات الشعب التركيّ

 

الحمد لله معزّ العاملين المخلصين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين:

أمّا بعد:

فإنّ رابطة العلماء السوريّين إذ تُهنّئ الشعب التركيّ على انتصاره على من حاولوا انتزاع اختيارِهِ، وتهنّئ الحكومة التركيّة والحزب الحاكم في تركيا لتأكيد جماهير الشعب التركيّ على خياراتِهِ مرّةً جديدةً، فإنّها تهنّؤهم جميعًا على وحدة الشعب التركيّ بمعارضتِهِ وحكومتِهِ على هدف حفظ المكتسبات، ورغبتهم في صناعة المستقبل الواعد بعيدًا عن حكم العسكر، وسيطرة الحزب الواحد.

ونغتنم هذه الفرصة لننصحَ للحكومة التركيّة أن تستمرّ على هذا النهج الأصيل، وأن تزيد من اهتمامها بتغيير القوانين بما يُناسبُ إنهاء احتمال مثل هذه الاعتداءات على خيارات الشعب التركيّ، وأن تستمرّ في دعمها لثورات الشعوب، وتواصل وقوفها إلى جانب المستضعفين في مختلف دول العالم.

(بسم الله .. الحمد لله .. الله أكبر) كان شعارًا للمتظاهرين أثبتَ أنّه أقوى في مواجهة آلة عسكريّة فتّاكة من كلّ سلاح.

ارتفعت أصوات المساجد بالتكبير والتهليل فاستنزلت رحمات الله، وحفّت الملائكة تركيا، وثبت المدافعون عن كرامتهم وحريّاتهم.

إنّ انتصار خيارات الشعب التركيّ هو انتصارٌ لثورة أهل الشام، واستمرارٌ لجهادهم المبرور، فابتهاج أنصار طاغية الشام بمحاولة الانقلاب تنذرُ بأنّ الانقلابيّين متواطئون مع نظام الطاغية، كما أنّ أعداء خيارات الشعب التركيّ أعلنوا مرارًا أنّهم يريدون إيقاف دعم ثورتنا المباركة.

إنّ على المجاهدين من أهل الشام أن يتعلّموا من هذه التجربة الغنيّة، وأن يقتربوا من الشعب؛ فإنّه ضمانةٌ في عالم المتغيّرات السياسيّة العالميّة.

ولا يفوتنا في هذه المناسبة أن نذكّر الأمّة الإسلاميّة حكوماتٍ وشعوبًا أنّ ضعفاءَ هذه الأمّة من أسباب الاستقرار والنصر والرزق الماديّ والمعنويّ، فقد صحّ في البخاريّ أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: (هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم) وتشرحها رواية النسائيّ: (إِنما ينصُر الله هذه الأمةَ بضعيفها: بدعوتِهم، وصلاتِهم، وإِخلاصهم).

كما نذكّرهم أنّ الوقوف إلى جانب المظاوم يستوجبُ نصر الله، يقول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: (.. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ)، فانصروا أهل الشام ينصركم الله على أعدائكم.

إنّ رغبتكم أيّها الشعوب والحكومات الإسلاميّة بالاستقرار ينبغي أن تذفعكم إلى نصرة المظلومين، لينصركم الله تعالى.

ختامًا: إننّا في رابطة العلماء السوريين نسأل الله أن يتقبّل من قُتل في سبيل الدفاع عن وطنه وماله وعرضِهِ ومكتسباتِهِ في الشهداء، وأن يُعجّل شفاء الجرحى، وأن يحفظ تركيا وأهلها ومشروعها الحضاريّ، وأن يكتب عزًّا تامًّا للإسلام وأهله. وما ذلك على الله بعزيز.

والحمد لله ربّ العالمين.

صدر في اسطنبول في الثاني عشر من شوّال 1437 هـ

الموافق 16/06/2016 م