بيان حزب ( وعد) بمناسبة التطورات الأخيرة على الأرض في سورية

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم: ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين  إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين)

 

بات واضحاً في الأسابيع الأخيرة أن هناك اتفاقاً ضمنياً بين القوى الكبرى على إطلاق يد روسيا في سورية لتفعل ما تشاء من قتل وتدمير لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة على الأرض ثم العودة إلى جنيف في الموعد الذي حدده المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لاستئناف المباحثات لفرض حلٍ يرضي "القوى الكبرى" ويحقق مصالحها. قد يكون صحيحاً أن روسيا وعميلها في دمشق قد أحرزوا بعض المكاسب على الأرض لكن ذلك لا يُغيّر في جوهر الصراع أن شعباً قام من أجل حريته وأنه ضحى بالغالي والنفيس من أجلها وأنه لن يعود حتى يحقق هدفه ، والتاريخ خير من يخبرنا بأن صاحب الحق يصل إلى حقه ويهزم المعتدي ولو بعد تضحيات ولو بعد حين ، والشعوب التي عانت تحت الاستعمار عقودا ثم انتصرت خير شاهد ، كما أنه من المؤكد أن تلك المكاسب لا تعني حسماً عسكرياً بأي مقياس من المقاييس ، فلا شك أن الحرب بين شعبنا وبين الطاغية وأسياده في موسكو وطهران كرُّ وفرّ وهي معركة صبر وعزيمة بالدرجة الأولى ، ولا شك أن شعبنا يمتلك العزيمة والصبر والإيمان بالله تعالى وبأنه صاحب الحق في هذه الحرب المفروضة عليه فهو مستمر حتى يأذن الله بالنصر.

 

الانسحاب من معركة لا يعني بالضرورة هزيمة فها هو سيدنا خالد بن الوليد سيف الله المسلول الذي كان يتوق للشهادة في سبيل الله حين اختير قائداً للمسلمين في معركة مؤتة أدرك أن ثلاثة آلاف مقاتل لا يمكن أن يهزموا جيشاً من مئتي ألف مقاتل روماني فقرر الانسحاب والحفاظ على حياتهم فكما قالت العرب (الكثرة تغلب الشجاعة) ولكن ليعود جيش المسلمين بعدها بسنواتٍ قليلة بقيادة خالد ويهزم الروم في معركة اليرموك التاريخية.

 

كثير من الإخوة في الخارج قد أصابهم الحزن والإحباط من الأخبار التي تتوارد علينا ، لا سيما وأن ثوارنا يعانون الأمرّين ليس فقط من الضغط العسكري الوحشي عليهم بل أيضاً من خذلان من يسمون أنفسهم أصدقاءنا وبات واضحاً أن "أصدقاءنا" لا يريدون لنا أن نحسم المعركة لصالحنا ولا يريدون لشعبنا أن يتحرر ويقرر مصيره بل يريدون أن يفرضوا حلاً يضمن مصالحهم ، ولكن تواصلي مع بعض الإخوة في الداخل يعطيني صورة مختلفة تماماً فهم رغم الضغط الهائل عليهم موقنون بأنهم منتصرون بإذن الله متسلحين بالصبر والعزيمة والإيمان. كنت أريد أن أشدّ من أزرهم لكني رأيتهم يرفعون معنوياتي. ليست لدي الخبرة العسكرية لأوصي الثوار بالثبات أو الانسحاب فهم أدرى بوضعهم لكني أذكّرهم بأن حياتهم ثمينة لنا ولبلدنا ، ورغم أن الشهادة في سبيل الله مطلبٌ سامٍ ، لكن النصر على العدو وإعلاء كلمة الله وتحقيق الحرية والعدل لشعبنا هو المطلب الأول ، فإن أتت الشهادة في سبيل هذا المطلب فأنعم بها وأكرم ، وإلا فلنحافظ على أرواح إخواننا ومواردنا حتى يأتي اليوم المناسب لتحقيق النصر بإذن الله. كما أتمنى من كل فرد من شعبنا أن يكون جندياً مخلصاً في هذه المعركة: بالسلاح أو الكلمة أو المال أو الدعم النفسي والدعاء. معركتنا طويلة وشرسة فنحن لا نقاتل نظام الأسد وحده بل نقاتل قوى عالمية تكالبت علينا ولكننا بعون الله منتصرون مهما طال الزمن.