بيان المجلس الإسلامي السوري بشأنِ مساعدةِ المتضررينَ بسببِ أزمةِ وباءِ (كورونا)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ وبهِ نستعينُ، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمَّدٍ نبيِّ الرحمةِ وعلى آلهِ وأصحابهِ أجمعينَ وبعدُ:

فلا يخفى على الجميعِ ما نزلَ بالأمَّةِ من وباءٍ سبّبَ كثيراً من الآثارِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ التي تأثّرَ بها كثيرٌ من الناسِ، فقد تعطّلَ الكثيرونَ عن العملِ بسبِب الحظرِ وإغلاقِ المتاجرِ وتوقفِ بعض ِالمصالحِ، وانقطع موردُ رزقِهم الوحيدُ الذي به قوامُ عيشِهم وإعالةُ أسرِهم، فكان لا بدَّ من أنْ يمدَّ الناسُ يدَ العونِ لبعضِهم، ويعبِّروا عن حقيقةِ إيمانِهم ومدى التزامِهم بتعاليمِ دينِهم وقيَمِه الأصيلةِ، التي تحضُّ على التكافلِ والتعاونِ والتراحمِ، ولقد شبَّه النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ الأمةَ بالجسدِ الواحدِ فقال: “مثلُ المؤمنينَ في توادِّهم وتعاطفِهم وتراحمِهم مثلُ الجسدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحُمَّى” وهذا في الأحوالِ العاديَّةِ، فكيفَ في وقتِ الأزماتِ والشدائدِ، إذ تكثُرُ الحاجاتُ وتزيدُ بواعثُ الشحِّ في النفسِ، ولقد ضرب الصـحابةُ رضوانُ الله عليهمِ أجمعينَ مثلاً في المجتمعِ الإسلاميِ الأولِ في التكافلِ والتعاضدِ، حتى كانَ يرى بعضُهم أنَّه ليس له حقٌ أن يبقيَ لديهِ ما يفضُلُ عن حاجتِه، وقد أثنى النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ على الأشعريينَ كما في الحديثِ الصـحيحِ “إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ”، والمجلسُ الإسلاميُ السوريُ يحثُّ السوريينَ خصوصاً والمسلمينَ عموماً على ما يلي:

أولاً: إحياءُ فكرةِ صناديقِ التكافلِ في كلِّ المناطقِ التي يقطنُها السوريون، سواءٌ في الداخلِ السوري أم خارجَهُ، ويثمِّنُ المجلسُ دورَ المبادرةِ التي قامَ بها البعضُ في مناطقَ عدَّةٍ، وكذلك ينبغي مساعدةُ الجمعياتِ الخيريةِ لتقومَ بواجبِها في هذه الأزمةِ الجَلَل.

ثانياً: ونظراً للنازلةِ الفادحةِ يرى المجلسُ جوازَ تعجيلِ إخراجِ الزكاةِ قبلَ أوانِ استحقاقِها، فقد ثبتَ في الأحاديثِ الصحيحةِ أنَّهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ تعجَّلَ زكاةَ عمِّه العباسِ رضي اللهُ عنهُ سنتينِ، وإليه ذهبَ كثيرٌ من الفقهاءِ.

وفي الختامِ نذكِّرُ الجميعَ بحديثِ المصطفى عليهِ الصلاةُ والسلامُ: “الراحمونَ يرحمُهم الرحمنُ، ارحموا من في الأرضِ يرحمْكُم من في السماءِ” نسألُ اللهَ أن يمنَّ علينا برحمتِه وكرمه فيرفعَ عنَا البلاءَ والوباءَ، إنَّه سميعٌ قريبٌ مجيبٌ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

المجلسُ الإسلاميُّ السوريُّ

9 شعبان 1441 هــ الموافق 2 نيسان 2020م