بطل الثورة السورية في حلب وقائدها يلحق بركب الشهداء الأبرار

[مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا] {الأحزاب:23} صدق الله العظيم

هنيئاً للأخ الشهيد بإذن الله عبد القادر صالح إذ أكرمه الله بما تمنَّى فجر الاثنين 15/1/1435 الموافق 18/11/2013 اغتاله النظام المجرم ليلة النصف من شهر الله المحرم، خلال لقائه مع قادة لواء التوحيد في مدرسة المشاة والواقعة في ريف حلب المحرر، وفي مهمة جهادية، وله من العمر 33 سنة حيث ولد في عام 1979 ريفي بسيط، مجاهد متواضع، من قرية مارع ، ولهذا كان لقبه الذي اشتهر به (حجي مارع) .

لقد كان يرهبه النظام المجرم إلى درجة أنه أعلن عن مكافأة مالية ضخمة في أكثر من مرة مكافأة لمن يقتله ، وبالتأكيد فقد نال هذه الجائزة القذرة من دل عليه وعلى إخوانه وهو يراقب حركتهم وغدوهم ورواحهم ، ليرشد الطيران الحربي السوري القاتل ، إلى مكان تواجدهم في هذه المدرسة العسكرية ليبوء هذا الجاسوس العميل والقتلة العسكريين ومن وراءهم في دمشق من القتلة المجرمين باغتيال هذا القائد البطل ورفاقه في الشهر الحرام!

ولقد يعلم الاخوة القراء فظاعة القتل في الأشهر الحرم بما يستوجب لعنة الله وغضبه وسخطه ، وما درى هؤلاء المجرمون أن العرب في عصور الجاهلية وفي أحلك ظروف الخلاف بين قبائلهم كانوا يرفعون أيديهم عن قتل أي عدو مهما بلغت عداوته بل ويوقفون كل حرب،  لكن بشار الأسد وزمرته الحاكمة فاقوا كل الطغاة ، وكل المجرمين، وكل القتلة ، على امتداد التاريخ ، حيث إنهم لا يتورعون عن ممارسة وحشيتهم وحقدهم في أقدس الأيام .

ولقد نذكر أن رجال الثورة السورية طالبوا أن يكون عيد الأضحى المبارك ومن قبله شهر رمضان المبارك هدنة ليتوقف فيها القتل والتدمير، لكن النظام القاتل لم يعبأ بهذه الطلبات الإنسانية والموجهة من قبل المنظمات الإنسانية محلياً ودولياً، وما رافق ذلك من استغاثات شعبية ...

وإن رابطة العلماء السوريين إذ تعزي الشعب السوري الثائر، والجيش الحر، وأفراد أسرته، وأهل مارع تعزيهم باستشهاد القائد المجاهد عبد القادر صالح، ضارعين إلى الله العلي القدير أن يتقبله في الشهداء، وأن يجعل مثواه الجنة، وأن يرزقه شفاعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وبعد: فإننا نذكر بعض ما عرف من سجايا هذا المجاهد:

ـ كان رحمه الله داعية للإسلام في محيطه وخارج بلده

ـ كان رحمه الله يكسب لقمة عيشه الشريفة من تجارة متواضعة

ـ كان رحمه الله ريفياً خلوقاً متواضعاً محبوباً من أهل قريته مارع وهي قرية صغيرة قريبة من حلب، وخاصة وأنه كان داعيتهم للإسلام ورائدهم في الثورة ورائدهم في الحركة الجهادية .

ـ كان رحمه الله يتطلع لتحقيق حرية شعبه وكرامته، وكان من أوائل من انضم لثورة الحرية والكرامة في سورية، وقد عرف عنه شدة حماسه لذلك ، وآلمه أن تتأخر محافظة حلب الشهباء عن اللحاق بركب الثورة بضغط رجال السلطة وأزلامهم من علماء السوء ورجال الأعمال والمنافقين والمنتفعين بالمال الحرام ، فما كان من الثائر عبد القادر إلا أن سارع وإخوته الثائرين من أبناء ريف حلب مع من شاركهم من أبناء المحافظة في السيطرة على بعض أحياء المدينة سلمياًَ لتلحق حلب الشهباء في ثورة الحرية والكرامة.

ـ لم يكن رحمه الله من هواة العمل العسكري بل شارك بالمظاهرات السلمية....حتى إذا مارست السلطة عدوانها الآثم على الشعب السوري الثائر وتصدت له بقوة السلاح ورجال المخابرات ، وقوى الجيش والأمن ، فما كان من القائد عبد القادر الصالح والشباب من أمثاله إلا أن دافعوا عن أنفسهم ذوداً عن حرائرهم وأعراضهم ودفاعاً عن كرامتهم ، وتحقيقاً لمطالب الشعب السوري العادلة في العزة والحرية والكرامة.

ـ كان رحمه الله حريصاً على جمع كلمة الثوار وتوحيد صفهم ولم يعرف عنه أي موقف شاذ أو خلافي مع إخوته المجاهدين الآخرين على مختلف توجهاتهم .

ـ عرف عنه رحمه الله تواضعه وحبه لجنوده وزهده في المناصب والمواقع، مؤثراً أن يكون دائماً في الصف الجهادي الأول قدوة لإخوانه ولذلك كان محل محبة الجميع وثقة الجميع واحترام الجميع . شارك رحمه الله وببطولة فذة في معركة القصير وغيرها من المعارك التي واجهت الطاغوت وقوى الظلم.

ـ اشتهر عنه رحمه الله أنه قائد لواء التوحيد لكنه لم يرغب أن يتجاوز غيره، فبقي حتى استشهاده قائداً لعمليات هذا اللواء ، رغم أن سيطه قد ذاع، وشهرته قد انتشرت، ومكانته بين المجاهدين قد تعاظمت.

وفي هذا السياق فإن رابطة العلماء السوريين تجدد استنكارها للتواطؤ المعلن والمفضوح بين النظام السوري والدول الكبرى ، التي تعين هذا النظام ، في بربريته ووحشيته ، ولقد طالب الشعب السوري هذه الدول وفي أكثر من مرة أن تحميه من الطيران الحربي بحِممه وبراميله الحارقة وقذائفه وصواريخه ، وآلته العسكرية الجهنمية، وذلك بفرض حظر جوي وحظر صواريخ سكود والقنابل الفسفورية وغيرها من الأسلحة المحرمة دولياً ولكن: لا حياة لمن تنادي... هكذا تُرِك الشعب السوري الأعزل ليمطره القتلة بأسلحتهم الفتاكة براً وبحراً وجواً .

 

ولقد قيل بحق أن النظام السوري يقتل ولا يقاتل بمعنى : أنه يقتل شعبه جواً بطيرانه وبراميله، ويجبن أن يواجه قوى الثورة في معركة ميدانية ووجهاً لوجه، ولو حُظِر هذا الطيران لسقط النظام من الشهور الأولى من الثورة ... ثم إن هذه الدول المؤثرة في القرار الدولي قد سكتت عن احتلال سورية من قبل القوى الشيعية (إيرانية وعراقية ولبنانية) ومن كل مكان، ومن ورائهم روسيا والصين وبدعم غير محدود في السر والعلن لقتل الشعب السوري الأعزل ومحاولة تركيعه ووأد مطالبه العادلة، في مقابل التصريحات الجوفاء والخطب المنافقة والوعود الكاذبة لهذه الدول التي تسمي نفسها كذباً ونفاقاً أنها الدول الصديقة للشعب السوري .

 

وما اغتيال القائد البطل الشهيد بإذن الله عبد القادر الصالح وأمثاله من عشرات الألوف من الشهداء وما رافق ذلك من تخريب وتدمير وإحراق وتغييب للمدن والقرى والحضارة والبنى التحتية إلا ضحايا هذا السلاح الجوي على يد هذا النظام وكل الذين أعانوه وأمدوه شركاء في قتل السوريين.

رابطة العلماء السوريين