برقيات أفغانية سريعة

أولا: الحمد لله الذي جبر القلوب المنكسرة التي أثقلها القهر والكمد من تقدم أهل الباطل في جبهات وثغور عديدة، وانتشل النفوس المحبطة بكثرة الهزائم من حالة الهبوط المعنوي وأنعشها بجرعات من البشائر تعيد إليها نشاطها وحيويتها، وما النصر إلا من عند الله.

ثانيا: إنَّ دماء الشهداء الصادقين التي سالت على أرض الأفغان طوال أربعة عقود لم تذهب سدى، ولا بد للصادقين الصابرين أن يقطفوا الثمار ولو بعد حين (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط).

ثالثا: أربعون عاما والأعداء من الشرق الشيوعي ثم الغرب الليبرالي يراهنون على فرض ثقافتهم الغربية على المسلمين بقوة السلاح وقوة المال، وقوة المكر المختلفة، واليوم تعود طالبان بقوة أكبر وبخبرة أعمق وبنضج سياسي ودبلوماسي أدهش الجميع نقلها من الخنادق والكهوف إلى سدة الحكم والقرار.

رابعا: الحركة من الشعب وكسبت ثقة الشعب، واستطاعت أن تحدد بوصلتها بوضوح، ففوهة البنادق تتجه فقط إلى المحتل وأزلامه لا إلى كل من خالفهم في صغير أو كبير، وهذا سر نجاحهم وتقدمهم.

خامسا: تتمتع حركة طالبان اليوم بالحكمة والوعي السياسي وفقه الواقع، فمشروعها المعلن عنه محلي داخلي، فلم يصبها ما أصاب غيرها من داء الأمم القاتل وهو الإعجاب بالانتصارات الوهمية الصغيرة، وإبراز العنتريات في مواجهة جميع دول العالم التي لا تتفق معها، وما إلى ذلك من الأحلام الصبيانية الطائشة، وهي تتعامل اليوم بمسؤولية ورشد مع المخالفين، وتمكينهم من الجلاء بلا ضحيج ولا سفك دماء، وترسل برسائل تطمين للمتخوفين من القادم.

سادسا: أنفق الأمريكان ما يزيد عن ترليوني دولار للقضاء على الموروث العقدي والثقافي الأفغاني، فباؤوا بالفشل.. (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغلبون).

سابعا: لن نفرط في التفاؤل ولن نذهب إلى المثالية الحالمة، ولكن يمتاز المؤمن عن المنافق بأنَّ المؤمن يفرح بنصر المؤمنين وعلوهم وبدحر الكافرين وضعفهم، ومن لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم..

ثامنا: تخلي المحتل عن أذنابه وتركهم ليواجهوا مصيرهم درس لكل العملاء والخونة الذين يساندون المحتل ضد شعوبهم، فالعميل يحسب أن له قدر وقيمة عند سيده ولكن عند أدنى اختبار يدرك أنه لم يكن سوى مداس رخيص استخدمه سيده لعبور المخاضة ثم ألقاه غير مأسوف عليه.

تاسعا: لقد أرعدت لهذا النصر أنوف وأنوف، حتى أن المعلق العسكري الصهيوني بن يشاي غرد قائلا: الدرس الذي ستصل إليه حركة حماس من انتصار طالبان هو أنه يمكن الرهانعلى الصبر، وأفغانستان مقبرة للأوهام العسكرية.

عاشرا: التحديات في المستقبل ستكون كبيرة، ولن يفتأ المنافقون والمغرضون من الإعلاميين والعلمانين ودعاة حقوق الإنسان والحركات النسوية والكتاب المأجويرن عن محاولات إفشال التجربة بكل ما أوتوا من قوة، ولكن ثقتنا بنصر الله وحكمة القيادات تبعث في النفس الارتياح.

أحد عشر: إن الحق بلا قوة تحميه حق ضائع لا محالة، والعالم لا يحترم إلا الأقوياء، فطالما أنَّ اليد على الزناد فلن تتجرأ الأفاعي أن تطل برؤوسها، وكل من ظنَّ بأن الحكمة والرشد هي بالسلمية المطلقة، وترك المجرمين بلا ردع فقد خاب ظنه، فالحق لا بد فيه من كتاب يهدي وسيف ينصر.

اثنا عشر: ليس المقامُ مقامَ إثارة الخلافات الجزئية في فروع العقيدة فضلا عن الفروع الفقهية، بل المقام مقام نصرة أهل الإسلام وأخوة الدين والوقوف معهم بكل ما هو ممكن، وأن نجعل لهم حظا من دعائنا بأن يمكن الله للمسلمين وأن يلهمهم الهدى والصواب، وأن يصرف عنهم شر الأعداء.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين