الوطن بسكّانه، لا بجدرانه.. والرجل بإنسانه، لا بطيلسانه!

الكثيرون يتحدثون عن الجدران، فيقال: هدم الزلزال الفلاني، كذا مبنى من مباني الدولة الفلانية، أو المدينة الفلانية.. وهدم العدوّ، في هجومه على المدينة الفلانية، عشرات المنازل أو مئات المباني، بالصواريخ أو بالطائرات أو بالمدافع..!

ونظرة واحدة في تاريخ الحروب، تبيّن مايلي:

كانت المنجنيقات تدكّ المدن، وتهدمها حجراً حجراً، بما فيها أسوار المدن والقلاع المحصّنة، لكن تأثير قصف المجنيق، يظلّ محدوداً، مقتصرا على الجدران، وإصابات البشر فيه قليلة، وربّما كانت معدومة ! ويظلّ العسكر، المتحصّنون في المدينة أو القلعة المقصوفة، ثابتين، يقاتلون عدوّهم، وقد ينتصرون عليه في الحرب، إذا كانت أهدافهم كبيرة أو سامية، وعزائمهم قوية عالية.. دون أن يستسلموا لهذا العدوّ، أو يخضعوا للشروط التي يمليها عليهم، حتى لو تفوّق عليهم بآلاته العسكرية ! ولن ننسى – بالطبع- المقاتلين المسلمين، الذين كانت بيوت الكثيرين منهم، من الطوب أو من الخيام، التي لا يؤثر تهديمها كثيراً، في مسار الحرب، ولا يزعزع معنويات المقاتلين!

وفي العصر الحديث: كانت الطائرات الألمانية، تدكّ مدينة لندن، في الحرب العالمية الثانية، وقد باشر الحلفاء - وفي مقدمتهم الإنجليز- بقصف برلين، عاصمة ألمانيا، بأسراب الطائرات ! وجرى تهديم مبان كثيرة، في المدن الألمانية، ومدن الحلفاء، لكن تهديم المباني والمنشآت، لم يفتّ في عضد أحد من الفريقين المتقاتلين!.

ولن نتحدث – هنا - عن المدن الروسية، التي جعلتها قوّات ألمانيا ركاماً!.

المهمّ في الحرب - أيّة حرب - هو عزيمة المقاتلين، وإصرارهم على الانتصار!

وتوضح الآية الكريمة، هذا المعنى، حين تحضّ المقاتلين، على استحضار القوّة الممكنة، لديهم.. فقال تعالى:

(وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل تُرهبون به عدوّ الله وعدوّكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم..).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين