الهموم بقدر الهِمَم !

قال المتنبّي:

وإذا كانت النفوس كباراً تَعبتْ في مرادها الأجسامُ !

وقال الإمام الشافعي:

أنا إن عشتُ لست أعدم قوتاً وإذا متّ لستُ أَعدم قبرا !

همّتيْ همّة الملوك، ونفسي نفسُ حُرّ، تَرى المَذلّة كُفرا !

يتبيّن من بيت المتنبّي، أن النفوس الكبيرة تحمل مطامح كبيرة، تُتعب الإنسان !

كما يتبيّن من بيت الشافعي، أن القناعة أساس في حياة الحرّ، وأن الهمّة ليست مرتبطة بغنى أو فقر، بل هي طبيعة كامنة في النفس، تدفع صاحبها إلى أشياء كثيرة، منها: الرضا بما قسم الله من رزق، وبما قدّر من أقدار.. والابتعاد عمّا يشين المرء، ويدفعه إلى التذلّل للعباد، ولو أحس بالضيق، أو الكرب، أو القهر..!

وعند النظر في حياة الناس، اليوم، يرى المرء أشياء عجيبة:

يرى أناساً خائري الهمم، يطمحون إلى أمور، ليسوا أهلا لها !

بعض الناس يحلم بدخول الجنة، وهو فاسق يرتكب المعاصي، ويستبيح المحرّمات ! وقد ورد في الحديث النبوي: الكيّس مَن دانَ نفسَه، وعمِل لما بعد الموت.. والعاجز مّن أتبَع نفسه هواها، وتمنّى على الله الأماني !

بعض الناس يتصرّفون، وهم منساقون وراء (لوْ) و (ليتَ):

قال أحدهم: قالوا كلامُك هنداً، وهي مُصغية يشفيك.. قلت: صحيح ذاك.. لو كانا !

وقال شاعر يرثي نفسه:

فليتَ الغَضا لمْ يقطع الركبُ عَرضَه وليتَ الغَضا ماشَى الرِكابَ لياليا !

لقد كان في أهل الغَضا، لو دَنا الغضا مَزارٌ، ولكنّ الغضا ليس دانيا !

وقد درج على ألسنة العامّة، كثير من الأقوال، التي تدلّ على الجهل، بقدر ما تدلّ على العجز، مثل: لو كنتُ ملكاً، لفعلتُ كذا وكيت ! ومثل: لو سلّموني الحكم لفعلت كذا وكذا ! وهو لايعرف، بالطبع، مَن يسلّمه الحكم، وكيف سيسلّمه إياه !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين