الهجرة إقامة دولة -1-

 

في ذكري هجرة الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم  يتجدد الأمل رغم الجراح والألم بإحياء دولة الإسلام الكبرى والتي أسسها صلى الله عليه وسلم  عمليا منذ الهجرة ببحثه عن أرض ينطلق منها ليبلغ دعوة الله ولتكون محض آمن للدعوة النبوية.

فوضع أول دستور للدولة الوليدة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة

وتمت كتابته فور وصوله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ويعتبر بذلك أول دستور مدني في التاريخ

والذي يعد مفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية، ومَعلَمًا من معالم مجدها السياسي والإنساني..

إن هذا الدستور يهدف بالأساس إلى تنظيم العلاقة بين جميع الفصائل والطوائف والديانات الموجودة آنذاك وبإبرام هذا الدستور –وإقرار جميع الفصائل بما فيه- صارت المدينة المنورة دولة وفاقية رئيسها محمد ?، وصارت المرجعية العليا للشريعة الإسلامية، وصارت جميع الحقوق الإنسانية مكفولة، كحق حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، والمساواة والعدل.

يقول المستشرق/الروماني جيورجيو:

"حوى هذا الدستور اثنين وخمسين بندا، كلها من رأي رسول الله. خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين، وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولاسيما اليهود. وقد دُون هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعائرهم حسب رغبتهم، ومن غير أن يتضايق أحد الفرقاء. وضع هذا الدستور في السنة الأولى للهجرة، أي عام 623م. ولكن في حال مهاجمة المدينة من قبل عدو عليهم أن يتحدوا لمجابهته وطرده"

وبهذا نظمت الدولة داخلياً حتى تسهل الحياة وتسير الأمور ويتفرغ المسلمون لمهمتهم الأساسية.

وهذا يدعونا لنتعرف كيف قامت دولة الإسلام الأولى وما هي مهمتها وكيف نظمت شأنها:-

تقوم أي دولة على ثلاثة أركان هى الشعب والإقليم والسلطة:

لقد انطلق صلى الله عليه وسلم يبلغ دعوة ربه في مكة وخارجها ويتصل بالوفود القادمة إلى مكة،

فآمن معه قلة من المؤمنين شكلت نواة الشعب المسلم ولا تزال هذه النواة تزداد يوماً بعد يوم وأخذت قوتهم تزداد وتتعاظم، فها هو الشعب الذي يريد الحياة على شرع الله.

وأخذ القرآن الكريم ينظم هذه الجماعة المسلمة ويوجهها قيادة وجنود فكانت بمثابة سلطة توجه بتشريعات سماوية (الدستور الإلهي).

والرسول صلى الله عليه وسلم أُنزل عليه القرآن الكريم ليربى جيلاً وينشئ أمة وُيقيم دولة تحكم الناس بشرع الله تبارك وتعالى، وأرسل الله إلينا هذا النبي العظيم لينظم شؤون الحياة فشرع لنا من التشريعات ما تسد حاجتنا ويسعدنا بها في الدارين- الدنيا والآخرة،

لقد كان الهدف واضحاً عنده صلى الله عليه وسلم وعند كل من آمن بدعوته القائمة على التوحيد والتحرير

فلم يبق حين ذاك من أسس قيام الدولة إلا الإقليم لهذه الدولة ليكن محضناً للدعوة

لتكوين دولة قوية تجهز الدعاة وتدربهم وترسلهم ليقوموا بواجباتهم وتحميهم وتؤمنهم على حياتهم في الداخل والخارج, فانطلق القائد صلى الله عليه وسلم يبحث عن هذا الإقليم

 

وللحديث بقية إن شاء الله 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين