النصرة وداعش: سابقٌ ولاحق

 

هذه على خطى تلك، إلا أن قوة الفصائل في سوريا حالت دون استنساخ التجربة العراقية المُرّة بحذافيرها وفي وقتها المرصود، غيرَ أن الجولاني لا يملّ ولا يستسلم، وهو مُصِرٌّ على إكمال الطريق.

 

فيما يلي مقارنة بين ما حققته داعش في العراق وسوريا بنجاح، وما تمضي النصرةُ بإصرار لتحقيقه في سوريا، وصولاً -لا قدّر الله- إلى النتيجة الكارثية التي آل إليها حال السنّة في العراق، أعانهم الله.

 

1- ثار أهل سوريا وثار سنّة العراق، واهتزّ العرش الطائفي الأسدي في سوريا كما اهتز العرش الطائفي المالكي في العراق، فجاء الإنقاذ لهذا وذاك: داعش في العراق، وبنتُها التي خرجت من رحمها بقيادة سهم أطلقه البغدادي من كنانته: جبهة النصرة في سوريا.

 

2- انتزعت داعش في العراق كلَّ أراضي السنّة وأقامت عليها دولة الخرافة، تمت المهمة بنجاح. انتزعت داعش والنصرة جزءاً كبيراً من أراضي الثورة في سوريا. تمت المهمة بنجاح جزئي (80%)، وما تزال النصرة تسعى لإكمال المهمة بإصرار.

 

3- فككت داعش كل القوى السنية في مناطقها في العراق وسوريا وصادرت كل ما كان في أيدي الناس من سلاح، تمّت المهمة بنجاح. فكّكت النصرة عشرين فصيلاً ثورياً في سوريا وسرقت ونهبت كميات هائلة من سلاح الفصائل وشردت آلاف المقاتلين. تمت المهمة بنجاح جزئي (60%)، وما تزال النصرة تسعى لإكمال المهمة بإصرار.

 

4- صادرت داعش الحريات وكمّمت الأفواه ولاحقت الإعلاميين واعتقلت وعذّبت وقتّلت علماء السنة في العراق وقادةَ الثورة في سوريا، تمت المهمة بنجاح. فرضت النصرة قوانينها في الأراضي المحررة وشرّدت الدعاة والعلماء ولاحقت قادة الثورة الأوائل بالاغتيال والاعتقال. تمت المهمة بنجاح جزئي (70%) وما تزال النصرة تسعى لإكمال المهمة بإصرار.

 

5- نشرت داعش السواد في الأرض وأعلنت الحرب على العالم المأهول، فاستقدمت لحربها جيوش الشرق والغرب والشمال والجنوب، ثم لم تصمد أمامهم ساعةً من نهار (بعُمر الأمم والجماعات) فانسحبت وسلّمت كل ما سرقته من ثوار سوريا وسنّة العراق؛ سلمت أراضينا في العراق وأسلمت أهلَها للحشد الطائفي الملعون، وسلّمت أراضينا في سوريا وأسلمت أهلها للمليشيات الكردية والإيرانية والنظام. تمّت المهمة بنجاح وبقي أقلُّها برسم الإنهاء. النصرة في سوريا: نشرت السواد حيث نجحت في نشره، بالخبث والدهاء حيناً وبالغدر والعدوان في كثير من الأحيان، وما تزال ماضية في تسويد ما بقي منه مظلّلاً بخُضرة الثورة، وبقي عليها الجزء الأخير من المهمة: الانسحاب والتسليم. متى سيكون؟ هذا سؤال ستجيب عنه الأيام.

 

ويبقى بعد ذلك كله السؤال الأخطر والأخير: أي بلاد المسلمين هي الضحية الجديدة بعد سوريا والعراق؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين