المقصود بالكافر والمشرك والفرق بينهما

نص الاستشارة :

ما المقصود بالكافر وبالمشرك؟ وما الفرق بينهما ؟ وما الدليل على ما تجيبون به؟

الاجابة

كل من ابتغى غير الإسلام ديناً فهو كافر، ووصف الكفر يطلق على صنفين من الناس، وهما:

1 ـ أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى.

2 ـ أهل الشرك، وهم الذين اتخذوا مع الله إلهاً آخر.

فالكفر يشمل الصنفين، أما الشِّرك، فيختص بالصنف الثاني، وإذا ورد في القرآن الكريم لفظ الكفر أو مشتقاته فالمقصود إما الصنف الأول أو الثاني، وقد يقصد به الصنفان معاً، ولم يرد الشرك مقصوداً به أهل الكتاب صراحة، وفي بعض الأحيان يذكر الذين  كفروا ثم يبيِّن أنهم أهل الكتاب والمشركون، قال تعالى:

1 ـ [لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَةُ] {البيِّنة:1}.

2 ـ [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ] {البيِّنة:6}.

3 ـ [مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَلَا المُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ] {البقرة:105}.

4 ـ [وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ] {آل عمران:20}.

5 ـ [لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى] {المائدة:82}.

6 ـ [وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا] {آل عمران:186}.  والعلماء فسروا أهل الكتاب: اليهود والنصارى، وفسروا المشركين بعبدة الأصنام، وقد تميَّز الصنفان ببعض الأحكام الشرعية، منها: جواز تزوج المسلم بالمرأة الكتابية، قال تعالى في بيان من يجوز الزواج بهنَّ: [وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ] {المائدة:5}.

وعدم جواز الزواج بالمشركات، قال تعالى:[وَلَا تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ] {البقرة:221}.

ومن تلك الأحكام: حِلُّ طعام أهل الكتاب، قال تعالى:[ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ] {المائدة:5}. وفي ضمن ذلك حلُّ ذبائحهم، فالذبائح التي يحل أكلها إذا ذبحها المسلم يحل أكلها إذا ذبحها الكتابي، في حين أن الذبائح التي يذبحها المشركون لا يحل للمسلمين أكل شيء منها، بل هي من الميتات والأطعمة التي تطبخ معها نجسة، وبما تقدم يتمُّ جواب السؤال، ولكن لابدَّ من إضافة بعض الملاحظات التي تزيل بعض التساؤلات حول هذا الموضوع.

1 ـ المذكورون سواء كانوا من الصنف الأول أو من الصنف الثاني، كلهم يعتبرون من الكفار، ومن أهل النار، إذا ماتوا على كفرهم، قال تعالى:[وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ] {آل عمران:85}. وقال: [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا] {البيِّنة:6}.

2 ـ يدخل في المشركين عَبَدَة الأصنام والأوثان والحيوان والشيطان والنار والملائكة وعَبَدة الأجرام السماويَّة وغيرها، كما يدخل فيهم كل من لا يعتقد بوجود الخالق، وكل من ينكر الشرائع السماوية، وكل من لا يؤمن باليوم الآخر، وكل من يعتقد أن ما في الكون يجري على  طبيعته وليس هناك خالق يدبِّرها، كل أولئك داخلون في الشرك كما دخل الذين قالوا: [مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ] {الجاثية:24}.

3 ـ قال بعض العلماء: إنَّ أهل الكتاب كما يشمل اليهود والنصارى، يشمل من لهم شبهة كتاب كالسامرة والصابئة والمجوس، وهذا القول إنْ صحَّ فإنما يصح من جهة جواز أخر الجزية منهم، ولكنه لا يصحُّ من جهة أكل ذبائحهم والزواج بنسائهم.

4 ـ بعض العلماء جعل اليهود والنصارى من المشركين، لأن الله تعالى أخبرنا أنَّ اليهود قالوا: عُزير ابن الله، والنَّصارى قالوا: عيسى ابن الله، وقالوا: ثالث ثلاثة.

والذي نراه ـ والله أعلم ـ أنهم ليسوا من المشركين، لأنه تعالى أخبرنا بأقوالهم المذكورة، ولم يصفهم بالشرك، بل وصفهم بالكفر، ذلك لأنهم يؤمنون بالله وبأنبيائهم، وأقوالهم المذكورة كانت مما تتشابه عليهم في العقيدة، ولأن الله  تعالى ميَّز بين المشركين بأحكام سبق ذكر بعضها، والمشركون من العرب مع اعتقاد أكثرهم بالله ـ كما تدل عليه آيات كثيرة ـ كانوا يزعمون أن الأوثان  تقرِّبهم إلى الله زلفى فوصفهم الله بالمشركين.

وعلى كل ففي الموضوع تفصيلات وجوانب أخرى ليس هذا موضعها.

مجلة التربية الإسلامية بغداد ـ العدد 7 من السنة 22(1400-1979)


التعليقات