المشايخ المصريون في حلب

في سنة ١٩٧٢ أوفد الأزهر -مشكوراً- إلى مدينة حلب مجموعة من العلماء، للتدريس في مدرسة الكلتاوية (دار العلوم الشرعية).

وكنت ممن تلقى العلم عن هؤلاء المشايخ، وهم:

١- الشيخ محمود الجوهري (من طنطا) .

٢- الشيخ عبد اللطيف شعبان (من الإسكندرية)‏.

٣- الشيخ عبد الفتاح الشيخ (من كفر الشيخ)‏

٤- الأستاذ حمدي مبروك (من القاهرة).

٥- الأستاذ محمد الأسطى.

ويعزى الفضل في إيفادهم - بعد الله تعالى- إلى الشيخ محمد الشامي رحمه الله تعالى، الذي سعى لمعادلة شهادة الكلتاوية بالثانوية الأزهرية، مما أتاح لخريجيها القبول بثلاث كليات هي:

- كلية الشريعة والقانون.

- كلية أصول الدين.

- كلية اللغة العربية، بشعبتيها (العامة والتاريخ).

وسأروي لكم - معشر الفضلاء- ما تسعفني به الذاكرة عن هؤلاء المشايخ الذين أقاموا في حلب مدة من الزمن:

في البداية: إن أول ما يتبادر إلى ذاكرتي عنهم: علمهم، ورفقهم، وتواضعهم.

أما الشيخ محمود الجوهري:

فقد ترك أثراً تربوياً وعلمياً يبقى حاضراً في الوجدان، حيث كان مثالاً للعالم الموسوعي، الذي تخاله متخصصاً في أي مادة يدرّسها، حيث درّسنا الفقه الشافعي، والعقيدة الإسلامية، والنحو ، والمنطق، وكان إذا بدأ حصته لا يسكت حتى يسمع الجرس، وفي بعض المرات كان يستمر بالشرح حتى بعد سماع الجرس.

وأما الشيخ عبد الفتاح الشيخ:

فقد كان شخصية اجتماعية ، وخطيباً مميزاً، أذكر أنه ألقى كلمة في جامع أسامة بن زيد في (أغير)، بحضور الشيخ محمد أديب حسون رحمه الله، وكانت كلمة موفقة، أعجب بها الحاضرون.

وأما الشيخ عبد اللطيف شعبان:

فقد كان مسناً، قليل الكلام، تخصص بتدريس مادة الفرائض.

وأما الشيخ حمدي مبروك:

فقد كان يتمتع باللطف والمرح، وكان في بعض الأحيان يستشكل في نطق بعض الأسماء، حيث قال مرة لأحد زملائنا، واسمه (صطوف) أنا عايز اعرف اسمك ايه بالضبط! سطّور ر . ولا سطّول ل؟؟

ولم يكن الشيخ حمدي مبروك يلبس الزي الأزهري، رغم أنه أحضره معه من القاهرة (كما أخبرني عندما التقيته في القاهرة).

وهو الوحيد من هؤلاء المشايخ الذي أحضر أسرته معه إلى حلب، وسكن في حي البياضة.

وقد درسنا مادة أصول الفقه.

أما الشيخ محمد الأسطى:

فقد كان خريج كلية اللغة العربية، وكان ماهراً بتدريس مادته، وكان أصغر المشايخ سناً.

لقد كان لمشاركة هؤلاء المشايخ في التدريس في الكلتاوية أثر طيب، حيث أضاف لها أسلوباً جديداً، وأعطاها بعداً إضافياً.

ووَفق ما كنت أسمعه منهم - عن انطباعاتهم عن حلب- فقد اتفقت كلمتهم على أنّها مدينة نظيفة، وأهلها مهذبون، ومتدينون، وجوها لطيف وجميل، أغنى بعضهم عن الأدوية التي جلبها معه من مصر.

أخيراً:

بكل الود والوفاء أدعو لهم الفضلاء بظهر الغيب أن يجزيهم الله خيراً.

وأن يجزي مشايخنا الذين كان لهم فضل علينا، وعلى رأسهم شيخنا وسيدنا محمد النبهان، رحمه الله رحمة واسعة، وأجزل له الأجر والمثوبة.

هذا ما سنح به الخاطر، وأسعفتني به الذاكرة…

ودمتم وسلمتم