المحبة وأسبابها

المحبّة وأسبابها

أساليب تربوية ومفاهيم دعوية من حياة الشيخ أحمد عز الدين البيانوني

د. عبد المجيد أسعد البيانوني

 

المحبّة هي ميل القلب إلى من يُحَبّ، وهي أنواع:

ـ منها ما هو فطريّ في الإنسان، كمحبّة الوالدين أولادهما، ومحبّة الزوجين أحدهما للآخر، ومن مظاهرها: الإيثار في المحابّ، والبذل والإنفاق بسخاء، والخدمة من غير ضجر ولا تأفّف.

ـ ومنها محبّة الإنسان من أحسن إليه، ففي الأثر: " جُبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها ".

ـ ومنها محبّة الإنسان من شابهه في رأيه وروحه، ففي الحديث الشريف: (الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ) رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا، ومسلم عَنْ أبي هريرة في كتاب البرّ والصلة.

ـ ومن أنواع المحبّة: الحبّ في الله، وهذه محبّة يدعُو إليها العقل والإيمان، فلا يرى المؤمن العاقل بدّاً منْ محبّة من يحبّه الله، فتنشأ في قلبه محبّة الطاعَة والطائعينَ.

وللمحبّة عَلَى وجه الإجمال أسباب ثلاثة: الإحسان والجمال والكَمال.

ولهَذا ينبغي أن تحتلّ محبّة الله تعالى في قلب المُؤمن أسمى المراتب، لأنّه سبحانه ربّ الإحسان، والآمر بالإحسان، وخالقُ الإحسان والمحسنين.

وهو تبَارك وتعالى جميل يحبّ الجمال، وخالق الجمَال ومبدع الجمَال.

وهو عزّ وجلّ ربُّ الكمال، ومتّصف بجميْع صفات الكمال، وخالقُ الكمال في أهل الكمال.

وتليها محبّة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فهوَ بعد اللهِ تعالى أعْظم محسن إلينا، أنقذنا بدعوته من الكُفر إلى الإيمان، وهدانا بشريعَته إلى سعادة الدنيا والآخرة.

وقد منحَه الله منَ الجمال ما وصفه به الواصفون، وأعطاه من الكمال ما وصفه الله تعالى به في كتابه المجيد، وامتلأت به كتب السير من الشمائل الكريمة، والأخلاق العَظيمة.

وما يقال في الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، يقال بحكم الوراثة النبويّة في الدعَاة المرشدين، والعلماء العاملين، فكلّما اجتمعت في إنسان أسباب المحبّةِ، ينبغي أَن ينال في القلوب منزلة متناسبة مع هذه الأوصاف.

وإذا صدقت المحبّة بَرزَت مظاهرها كشدّة التعلّق، والشوق إلى اللقاء، والبذل والإيثار، والفدَاء والانقياد في كبير الأمور وصغيرها.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين