اللياقة الرابعة: الاجتماعية

فن معاملة الناس:

١٥ قاعدة للنجاح في العلاقات الإنسانية :

قال رسول الله : (المؤمن يألف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤْلَفُ ([) رواه الإمام أحمد، والحاكم في المستدرك انظر : فيض القدير شرح الجامع الصغير، رقم ٩١٤٦]

فالمؤمن يألف الناس لحسن أخلاقه، وسهولة طباعه ولين جانبه، وهو يألف الخير وأهله، ويألفه أهل الخير ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف لعسر أخلاقه وسوء طباعه. وفيما يلي خمس عشرة قاعدة تساعد على النجاح في العلاقات الإنسانية نذكرها على سبيل الإيجاز [بعضها مستفاد من كتاب: كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، لمؤلفه: ديل كارنيجي]

١- تجنب توجيه اللوم إلى الناس لأنه لا يجدي؛ فجل الناس أهل عواطف وأهواء، واللوم شرارة خطيرة تضرم النار في وقود الكبرياء، وهو عقيم لأنه يضع الإنسان في موضع الدفاع عن نفسه، وتسويغ موقفه، والدفاع عن كرامته وعزة نفسه. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لي : أف، قط، وما قال لشيء صنعته : لم صنعته ؟ ولا لشيء تركته : لم تركته ؟ ([رواه الترمذي رقم  ٢٠١٦]

- 2 قدر الآخرين. أثن عليهم من غير تملق ولا مبالغة. أبد اهتماما بهم. قدر أقل إجادة تصدر منهم، تكسب قلوبهم.

3- كلم الناس عما يحبون، لا عما تحبّ: حدثهم عن أنفسهم. تذكّر أنك لا تضع للسمكة التي تريد اصطيادها قطعة من ( الجبن ) الفاخر الذي تحبه أنت؛ بل تضع لها ( الدودة ) التي تحبها هي.

-4  ابتسم ! إن التعبير الذي يرتسم على وجهك أهم من الثياب التي ترتديها. إن في ابتسامتك سحرا تتأثر به أنت أولا، ثم ينتقل منك إلى الآخرين. إن الابتسامة كهرباء من نوع خاص تضيء جوانب النفس، فلا تستغن عنها، ولك فيها كسبان دنيوي وأخروي؛ ففي الحديث: ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) [رواه الترمذي].

5 - تذكر أسماء الناس إن اسم المرء هو أحب الأسماء إليه، ومخاطبتك له باسمه تقربك من قلبه، ونسيانك اسمه قد يكون دليلا على عدم الاهتمام به.

٦ - أصغ إلى محدثك باهتمام، فأكثر الناس يفضلون المستمعين الجيدين على المتكلمين الجيدين، وأكثر الناس كذلك لا يصغون باهتمام لما يقال؛ بل يفكرون فيما سيقولونه إذا انتهى المحدث من حديثه.

7 - لا تجادل ! ولا يكن همك دائما الانتصار في المناقشات وإثبات خطأ الطرف الآخر، فأنت قد تكسب المواقف ولكنك تخسر القلوب.

8 - كن لطيفا، فإذا تأكدت من خطأ الطرف الآخر فقل له ذلك بأسلوب لطيف، وبشكل غير مباشر، ولا تهنه وأنت تنصحه أو تنتقده، ودعه يحتفظ بماء وجهه.

9 - سلّم بخطئك فهذا يرفعك عند نفسك، ويدعو الآخرين إلى احترامك. إن شجاعة التسليم بالخطأ وسام لا يحمله على صدورهم إلا أصحاب النفوس القوية.

١٠ - عليك بالرفق واللين، ودع العنف والشدة. يقول مثل قديم: إن نقطة واحدة من العسل تصيد من الذباب أكثر مما يصيد برميل من العلقم، وكذلك الحال مع البشر؛ فالكلمة الحلوة تصيد القلوب

۱۱ - ضع نفسك مكانه وحاول - مخلصا - أن ترى الأمور من وجهة نظر الشخص الآخر، فربما يكون مصيبا، وربما تكونان أنتما الاثنان مخطئين !

١٢ - أيقظ الدوافع النبيلة في الإنسان: فأغلب الناس فيهم جوانب كثيرة من الخير والمشاكس العنيد يستحيل إلى مخلص منصف إذا أنت عاملته على أنه منصف مخلص: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيُّ حَمِيمٌ} [ فصلت : ٣٤].

۱۳ - قدم اقتراحات مهذبة لا أوامر خشنة، استعمل كلمات اللطف حبذا، لو، أرجو، من فضلك، إذا تكرمت.... فلا أحد يحب أن يتلقى الأوامر.

 ١٤ - حبب الآخرين في العمل الذي تريدهم أن يقوموا به، واذكر منافعه لهم.

١٥ - قل: ( نعم ) للحكمة، و ( لا ) للمنطق؛ فالحكمة تحتوي المنطق وتزيد عليه؛ إذ قد يقتضي المنطق أن تعاقب مخطئًا على خطئه، لكن الحكمة تدعوك أن تعفو عنه، وهذه القاعدة من أهم القواعد للنجاح في العلاقات الإنسانية، وخاصة في العلاقات الزوجية، وداخل أفراد الأسرة الواحدة.

 

فن التواصل:

( ۲۰ نصيحة لإتقان فن الحديث والحوار ) : [انظر : أصول الحوار، الندوة العالمية للشباب الإسلامي]

(1) آراء الناس مختلفة اعلم أن آراء الناس تختلف في أكثر الأمور كما تختلف أمزجتهم وألوانهم وأطوالهم وأشكالهم، واختلاف الآراء ينبغي ألا يؤدي إلى اختلاف القلوب؛ فالعاقل الحكيم طالب حق، والمخلص لا يفرق بين أن يظهر الحق على يده أو على يد غيره، ويرى محاوره معاونا له لا خصمًا، ويشكره إذا دله على الخطأ.

(2) تعلم ثم ناقش: لا تناقش في موضوع لا تعرفه جيدا، ولا تدافع عن فكرة ما لم تكن على اقتناع كامل بها. لذا - إذا أردت الحديث في موضوع معين، فأعد مادتك إعدادًا جيدا، وكن على ثقة من صحة معلوماتك، حتى لا تسيء إلى نفسك أو فكرتك.

(3) اختر الظرف المناسب: اختر الظرف المناسب مكانًا، وزمانًا، وإنسانا؛ فالحديث في مكتب المدير غير الحديث في بيت صديق، والمناقشة في قاعة المحاضرات غير المناقشة في حديقة عامة، والوقت الذي يسبق الانصراف من العمل لا يتسع للحديث والجماعة الجائعون أو القادمون من سفر بعيد يريدون الطعام أو الراحة ولا يفضلون الكلام.

(٤) لا تقاطع ! :لا تقاطع أحدًا في أثناء كلامه، فذاك مخالف لأدب الحديث، انتظر حتى ينتهي، واسأله بلطف هل يمكن أن أبدأ؟

(٥) أقلل الكلام: لا تستأثر بالكلام وراع الوقت، ولا تطل الكلام حتى يمل السامعون ويودوا لو أنك سَكَتَ.

(٦) حدث الناس على قدر عقولهم: الناس ليسوا طرارًا واحدًا، والموضوع الذي يفهمه شخص قد لا يعجب آخر، فلا تُحَدِّث الناس في أمور فوق مستواهم، أو دون مستواهم فإنهم لن يصغوا إليك، قال رسول الله : (ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة) [رواه مسلم].

)۷) راقب نفسك: راقب نفسك وأنت تتحدث أو تحاور. لا ترفع صوتك ولا تقطب حاجبيك، وارسم على وجهك تعابير الراحة والهدوء والابتسام.

)۸ (كن بليغا :اضبط كلامك، وأتقن لغتك، وكن مبينا في التعبير عما تريد، ليكن أسلوبك سلسا، وكلامك خاليا من الأغلاط.

)۹ (استعن بالأمثلة :استعن بضرب الأمثلة، فمثال واحد جيد خير من ثلاث صفحات من الكلام الضعيف والمثال الجيد يوضح الفكرة، ويقنع، ويبقى في الذهن.

)۱۰) ابحث عن النقاط المشتركة ابدأ حوارك بالنقاط المشتركة بينك وبين المستمع أو المستمعين فذلك أدعى لقبول كلامك، ودع الآخر يحس أن الفكرة فكرته هو لا فكرتك أنت.

)۱۱) لا تخجل من قول: لا أدري إذا سئلت عما لا تعلم فقل: لا أدري، ولا تستحِ من ذلك، فالملائكة لم تستح من القول: ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ﴾ [ البقرة: ٣٢ ].

)۱۲ (أَحْسِن الإصغاء: ذكر ستيفن كوفي في كتابه الشهير: « العادات السبع » أن كبار الناجحين يحاولون أولا أن يفهموا ما يقوله الآخرون، ثم يبذلون الجهد لإفهامهم وإيضاح وجهات نظرهم لهم، وقديما قال الشاعر العربي

من لي بإنسان إذا خاصمته

*** وجهلت كان الحلم رد جوابه

وتراه يصغي للحديث بسمعه

*** وبقلبه، ولعله أدرى به

وقال شاعر آخر:

إن بعض القول فن

*** فاجعل الإصغاء فنا

)۱۳) سيطر على نفسك: احذر من أن تُستدرج إلى ما يفقدك السيطرة على نفسك؛ فهناك أناس لا يبحثون عن الحقيقة تدربوا على المناظرة والجدل، وقد يعمدون إلى الكذب والتضليل لإحراج الطرف الآخر، فكن واعيا ولا تقع فريسة لهم.

(١٤) الأمانة :كن أمينا في عرض المعلومات، فلا تقطع عبارة عن سياقها أو تعزلها عن مناسبتها، واعز المعلومات إلى مصادرها ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

(١٥) فرق بين الفكرة وقائلها: فند الفكرة التي ترى خطأها وأثبت بطلانها دون أن تسيء إلى صاحبها.

(١٦) لكل مقام مقال: تذكر أن لكل مقام مقالا، وأن ما كلُّ ما يُعلم يقال؛ فما يناسب قوله أمام الرجال قد لا يناسب قوله أمام النساء، وما ينبغي قوله في المجالس الخاصة قد يمتنع قوله في المحافل العامة.

)۱۷) الإنصاف: كن منصفا! وافق على الصواب، وأثن على النقاط الجيدة في حديث الطرف الآخر، وأبد إعجابك بها. وجادل بالتي هي أحسن؛ فالتحدي والإفحام قد يجعلانك تكسب المواقف، لكنك تخسر القلوب.

)۱۸) ما هدف الحديث؟ حاول أن تصل إلى نتيجة؛ فالحديث ذو شجون، وكثيرا ما يتشعب إلى فروع بعيدة عن الأصل، فإذا انحرف الحديث عن مساره فأعده إليه.

)۱۹) قد تكون مخطئا: لا تتوقع أن يوافقك الناس على آرائك؛ إذ من المحتمل أن تكون مخطئا، ومن المحتمل أن يحول الهوى بينهم وبين موافقتك على رأيك إن كان صوابا. توقع هذا حتى لا تغضب وتنفعل، أو يخيب أملك.

)۲۰) حين لا يجدي المنطق: اقفل المناقشة أو الحديث إذا وجدت أنه عديم الجدوى.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين