اللاجئون السوريون في الأردن.. برودة الشتاء تزيد معاناتهم

 
 
فور اندلاع شرارة الثورة السورية من محافظة درعا «مهد الثورة» في 15 مارس 2011م، عمد النظام السوري إلى استخدام سياسة «الأرض المحروقة» ضد المدن الثائرة؛ وفق مبدأ «العقاب الجماعي»، وبما أن درعا الثائرة تقع بالقرب من الحدود الأردنية، فقد كان للأردن دور مبكر في احتضان المدنيين والمنشقين اللاجئين منها، ومع اتساع رقعة الثورة في جميع المدن السورية ازداد العدد الداخل إلى الأردن ليصل إلى ما يقارب الـ250 ألف لاجئ سوري. «المجتمع» قامت بجولة ميدانية واسعة للاطلاع على الأحوال المعيشية المأساوية لللاجئين السوريين، مع محاولة رصد أعدادهم وحصر الأحداث التي توالت منذ بداية الثورة السورية من خلال هذا التقرير. رحلة الموت: ما إن تقرر العائلة السورية اللجوء والنزوح إلى الأردن بحثاً عن الأمن والأمان، وهرباً من القصف والقتل والإجرام حتى تبدأ «رحلة الموت» عبر المشي على الأقدام مسافات طويلة دون طعام أو شراب لهم ولأطفالهم حتى الوصول إلى الشريط الحدودي، والدخول إلى مدينة الرمثا الحدودية والملاصقة للأراضي السورية، وأحياناً قد تضطر العائلات خلال عبورها إلى الأراضي الأردنية إلى الزحف على أيديها وأرجلها خشية أن يراهم قناصة النظام؛ ويؤدي ذلك إلى مقتلهم جميعاً، كما حدث مع العديد من اللاجئين ومنهم الطفل «بلال» الذي انتقل من مدينة حمص مع والدته وشقيقه إلى درعا ومنها إلى الأردن، وما أن وصلوا إلى الحدود وظنوا أنهم قد أنهوا هذه الرحلة المليئة بالأخطار إلا والرصاصة تصيبه وتقتله على الفور داخل الأراضي الأردنية ليتم إنقاذ الأم والابن الأكبر وإدخالهم إلى الرمثا ويتم دفن الطفل بلال في اليوم التالي. بعد دخول العائلات إلى الأراضي الأردنية يتم نقلهم مؤقتاً إما إلى شقق في الرمثا ولمدة 24 ساعة فقط، ويتم ترحيلهم بعد ذلك إلى مخيم الزعتري «سيئ السمعة» الذي أنشأته الحكومة في المفرق، وإما إلى «حديقة الملك عبدالله» التابعة لبلدية الرمثا التي يقطنها حالياً نحو 7 آلاف لاجئ سوري.. أما بالنسبة للأسر التي يتم تكفيلها من المخيمات بعد الموافقة على طلب الكفالة المقدم من قبل المواطن الأردني لمتصرف لواء الرمثا، فإنها تنتقل لاستكمال مشوار المعاناة بالبحث عن بيت للإيجار وتأمين الاحتياجات الضرورية وتأمين لقمة العيش أيضاً، وهنا يأتي دور الجمعيات الخيرية والنشطاء في هذا المجال لتسجيل هذه الأسر في الجمعيات الخيرية والبحث لها عن مسكن وتأمينها بالاحتياجات الضرورية حسب الموجود والمستطاع. أوضاع اللاجئين أما عن أوضاع هؤلاء اللاجئين، فينتقد معنيون في شؤون اللاجئين السوريين عدم قيام المجتمع الدولي بواجباته والتزاماته الإنسانية في تقديم المساعدات اللازمة للأردن لتمكينه من القيام بدوره تجاه اللاجئين السوريين، واصفين موقف المجتمع الدولي بـ«المتفرج». وقال أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية أيمن المفلح في تصريحات صحفية: «إنه لم تأتِ مساعدات بالقدر الكافي والتي من شأنها تمكين الأردن من تحمل عبء تقديم الخدمات للاجئين السوريين، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به المملكة». وبين المفلح، «أنه لم يعد بالإمكان تأمين الحاجيات الأساسية للاجئين السوريين عند دخول الحدود الأردنية بسبب شح الإمكانات وعدم تقديم مساعدات دولية للأردن، مشيراً إلى صعوبة الوضع في فصل الشتاء حيث احتياجاته من الملابس والتدفئة والأغطية والأحذية والكرفانات، فضلاً عن ضرورة تقديم مساعدات عاجلة في مجال الغذاء والدواء». من جهته، حمل مدير التعاون والعلاقات الدولية في المفوضية السامية للاجئين علي بيبي بشدة على المجتمع الدولي ومماطلته في تقديم المساعدات للأردن، واصفاً موقف الدول المانحة بـ«المتفرج والسلبي». حال المخيمات وفي التفاصيل، فإن مخيم الزعتري في المفرق الذي أنشأته الحكومة حديثاً، وتشرف عليه المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، يسكنه حالياً نحو 40 ألف لاجئ؛ هذا المخيم يقع في منطقة معروفة بأجوائها الصحراوية، حيث يكثر الغبار والأتربة ويكون الطقس حاراً جداً في الصيف، إضافة إلى أن اللاجئين يسكن معظمهم في خيم غير ملائمة للطبيعة الصحراوية ولا تكاد تحمي اللاجئين من أشعة الشمس وارتفاع الحرارة، فلا مراوح داخل الخيم ولا أي وسيلة تبريد لهم، ولا ماء بارداً يشربونه في ظل ارتفاع الحرارة في الصيف، أما في الشتاء فإن الجو يكون شديد البرودة، مع هطول كثيف للأمطار على الخيم، التي تكون عرضة للهدم والتمزق، في ظل انعدام وجود لـ«التدفئات» التي تدفئ الخيم، مما يجعل العيش داخله يشكل أمراً مأساوياً، سبب انتشار الأمراض بينهم، خصوصاً على كبار السن والأطفال. أما «حديقة الملك عبدالله» في الرمثا، التي تقع في المنطقة الشرقية من الرمثا والمعروفة بأجوائها الصحراوية أيضاً، يعيش فيها حالياً حوالي 7 آلاف لاجئ يقيم معظمهم في كرفانات، يعيشون فيها ظروفاً صعبة لا يستطيع الإنسان العادي التكيف معها، فدرجة الحرارة داخل الكرفان عالية جداً ولا يوجد أي منفذ هواء؛ مما يجعل العيش داخلها مستحيلاً، هذا بالنسبة لمن حصل على كرفان، أما البعض الآخر فيقوم بوضع «شادر» بين الكرفانات يسكن هو وأولاده هذا المكان الضيق يفترش الأرض ويلتحف السماء. وتنعدم الخصوصية للعائلات اللاجئة في هذه الحديقة، فالاختلاط حاصل بكل الأشكال بين الرجال والنساء، والمعاناة الأكبر هو عدم وجود حمامات مستقلة لكل عائلة، بل إنها مشتركة للجميع، أما الطعام المقدم لهم ورغم توافره فإنه مكرر من صنف واحد وهو على الأغلب الأرز المسلوق مع قطعة دجاج، وفي بعض الأحيان يكون هذا الطعام قد فسد نتيجة حر الطقس. التوزيع الجغرافي للاجئين أما الأسر التي تم تكفيلها أو التي دخلت بطريقة نظامية بحجة العمل لا اللجوء، والتي سجلت لدى الجمعيات الخيرية وبعضها الآخر لم يسجل بعد، فإنها تعيش في بيوت مستأجرة، علماً أن معدل أعداد الأسرة الواحدة يصل إلى ستة أفراد، وتتوزع جغرافياً على الشكل الآتي: - يسكن في الرمثا حوالي 2000 أسرة تقريباً أغلبهم من مدينة درعا وحمص. - يسكن في المفرق حوالي 2500 أسرة تقريباً أغلبهم من حمص. - يسكن في مدينة إربد حوالي 2000 أسرة. - يسكن في عمان حوالي3000 أسرة. - يسكن في الزرقاء حوالي 750 أسرة. - يسكن في معان حوالي 500 أسرة. - يسكن في الكرك حوالي 400 أسرة.> أقسام اللاجئين - لاجئون دخلوا بطريقة غير رسمية عن طريق الشريط الحدودي، وهم يرفضون الرجوع حتى سقوط النظام، لأن عودتهم تشكل خطراً كبيراً على حياتهم، وأغلب هؤلاء اللاجئين من «درعا»، ويقطنون في مدينة الرمثا سواء لدى أقارب لديهم أو في مخيمات اللاجئين أو حتى في بيوت مستأجرة داخل المدينة، ومنهم من تم نقله إلى مخيم الزعتري في المفرق. - لاجئون دخلوا الأردن بطريقة رسمية وشرعية بحجة العمل داخل الأردن، وهم أيضاً باقون في الأردن إلى أجل غير مسمى، حيث يخشون العودة بسبب الأحداث الدامية، وينتشر هؤلاء اللاجئون في جميع محافظات المملكة، ويتركز غالبيتهم في المحافظات الوسطى، خصوصاً في العاصمة (عمّان). - لاجئون جرحى ومصابون بجروح خفيفة أو خطيرة ناتجة عن عمليات القصف والقتل المستمر من قبل النظام، حيث يتم نقلهم فور وصولهم الأردن إلى مستشفى الرمثا الحكومي لإسعافهم وتقديم الخدمات لهم، ومن كانت حالته خطيرة يتم نقله إلى مستشفى الملك المؤسس أو إلى المستشفيات الخاصة في إربد أو المفرق أو عمّان، أما عائلاتهم فتقطن بالقرب منهم أينما وجدوا.
المصدر : موقع مجلة المجتمع الكويتية

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين