الفرافرة .. الهديل و الهدير‎

الأستاذ عبد الله زنجير

أسمع أنباء العدوان على حي ( الفرافرة ) فأعود إلى ارتعاش الطفولة ، أنتعش من معين أسوار القلعة و أحيائها و حكاياتها . قصف الجائر هنا نصف تاريخ حلب ، يا للعار ، أورد الأمة أهوالا و ما زال يكابر !! في 7 / 8 و 8 / 8 و 6 / 10 و 2 / 11 و 30 / 11 و 1 / 12 و 2 / 12 / 2012 م هدم بمدافعه و نيرانه الدور و القصور و المعالم ، كما مدرسة سيف الدولة و النجاة

في الجغرافيا تمتد الفرافرة من شمال القلعة و المدرسة الإسماعيلية ، إلى حدود الجديدة شمالا ، و البياضة شرقا و باب النصر و السبع بحرات غربا . و في الهوية هي ملمس الزمن خصوصية و عراقة و حضارة رابضة ، و في الشخصيات هي موطن المفكر المبتكر عبد الرحمن الكواكبي و شاعر الإنسانية المؤمنة عمر بهاء الدين الأميري و الداعية الشهيد أمين يكن . قيل إن اسمها بسبب غزارة مياهها عن سائر الأحياء ، فيها أول دار للحكومة و أول سجن و أول حمام للسلطان صلاح الدين .. كنت أفرح لزيارة بيت عمي جانب جامع العثمانية ( المدرسة الرضائية أنشأها سنة 1143 ه عثمان باشا ) و أتذكر هناك شجرة التوت و مقام النسيمي و قهوة البرتقال و عظمة الصمت ، في حاراتها سكون الأحياء و هدوء الحياة  ( لا تسمع فيها لاغية ) كان لا يخترقه سوى هديل الحمام - كقيثارة حزينة - و حفيف الأشجار يصل من داخل البيوت العربية و القناقات التركية ، و الآآآآن تسمع هدير المروحيات و هجوم المجنزرات و المدرعات

المدرسة الشعبانية ( أسسها شعبان آغا بن أحمد و كان مديرها الشيخ عبد الله سراج الدين ) تعرضت للدمار الجزئي ، كانت ما تزال تبكي أستاذها ( محمد عثمان جمال ) المفقود منذ 1980 م .. تلك السنة افتقدت الفرافرة لفيفا من فلذاتها ، الشهداء من آل إدلبي - المحامي أمين و نجليه أسامة و أنس - و حسان كرزون و محمد دبابو و ناظم عنداني ، والده الشيخ عمرعنداني  حمامة مسجد الهندي جنوبي العثمانية . إلى الشمال منه خوخة الأرمني العجوز وانيس ، كثيرا ما أوصلنا له الطعام من امرأة عمي 
العثمانية أيضا منبر الداعية الشيخ أحمد عز الدين البيانوني - رحمه الله - و حواليها آل الشريف و المدرس و المرعشي و القدسي و اليكن

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين