العَولمة الخانقة

حين لايبقى من حضارة ما،غير الوجه الاقتصادي الجشع، والوجه العسكري البشع.. فماذا تحمل للمدعوّين إلى الالتحاق بها؟

كان الأولاد اليافعون، في بعض دول عالمنا العربي، في الخمسينيات والستّينيات، من القرن العشرين، يقلّدون رجال الكاوبوي الأمريكيين، الذين يرونهم في الأفلام، فترى الغلام يسير أو يجلس، وقد أمال حزامه، ووضع على رأسه برنيطة مائلة، وأمال أحد فكّيه، إلى اليمين أو الشمال.. وصار يتحدّث بطريقة راعي البقر الأمريكي، الذي يشاهده في أفلام رعاة البقر الأمريكيين، الذين اتّخذ منهم قدوة له! هذا من الصور المكرّرة، التي كنا نشاهدها، في شوارعنا، في تلك المرحلة! هذا بالرغم من أن رجال الكاوبوي، ليسوا بذاتهم رموز حضارة، لكنهم جزء من حضارة، اسمها الحضارة الأمريكية!

فماذا يقلّد صبياننا، اليوم؟ وما الذي يبهرهم، من أمريكا وحضارتها، وقد صارت سيّدة الحضارة الغربية، بعد أن انتزعتت السيادة: السياسية والعسكرية والاقتصادية.. من دول القارة العجوز، أوروبّا؟

وما ذا بقي، اليوم، من الحضارة الغربية، يجذب اهتمام الشعوب، الراغبة بتقليد المتحضّرين الأقوياء؟

ماذا بقي من حضارة أمريكا، سيّدة الحضارة الغربية، اليوم، سوى الوجه الاقتصادي الجشع، والوجه العسكري البشع؟

وماذا بقي لدى أمريكا ونظيراتها، من الشعارات، التي كانت دول الغرب، تصدّع رؤوس العالم بها، مثل: الديموقراطية.. والحرّية.. والعدالة.. وحقوق الإنسان.. ونحوها؟

ومَن يصدّق في عالمنا، اليوم، أمريكا ونظيراتها، حين تتغنّى هذه الدول، بحقوق الإنسان؛ بينما يرى المواطنُ في بلادنا، كيف يُسحق الإنسان وحقوق الإنسان، تحت أرجل الطغاة، الذي صنعتهم أمريكا، ونصّبتهم حكّاماً، على شعوبنا، فمارسوا، تجاه هذه الشعوب، من ألوان الظلم والقهر، والتجويع والترويع والتهجير.. ما تأباه كلّ نفس حرّة كريمة.. وكلّ ذلك بمساعدة أمريكا، ومباركتها، وتأييدها!؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين