الشهيد البطل أبو الزبير الحلبي

بقلم :محمد سرحيل 


البطل "رافع" أبو غالون أو أبو الزبير الحلبي ـ كما كان يلقب نفسه ـ هو رجل فاق أقرانه ومن يكبرهم سناً بأشواط كثيرة ...
هو طالب علم درس في الثانوية الشرعية للبنين بحلب ولم يتجاوز السابعة عشر من العمر بعد ..... إلا أن من عرفه والتقى به ما كان يحسبه إلا رجلاً في الثلاثينات ....
اعتقل في بدايات الثورة السورية المباركة في حلب الشهباء ومن أين ؟؟ 
من جامع حذيفة بن اليمان حيث خرجت مظاهرة خجولة يومها، ولم يمنعه ذلك حينها من الهتاف في سبيل الحق والصدع في وجه الطغاة .....
البطل (أبو الزبير) لم يجاهد في الله عبساً أو حميّةً عمياء أو عصبية جاهلية؛ بل قاتل في سبيل الله ومن أجل الله ولم تفارقه يوماً نية إقامة شرع الله في أرضه .....

لم ينبت الشهيد من سراب فهو ابن بار بعائلة ملتزمة مجاهدة .... سبقه إلى جنان الخلد صهره الشهيد البطل "إبراهيم منافيخي" ، وهو أول مجاهد خطب الجمعة في جامع صلاح الدين شاهراً سلاحه ...
ساهم أبو الزبير في بدايات الثورة بالحراك السلمي ليعتقل مرة أخرى، ملاقياً أشد أنواع العذاب والتنكيل في فرع الأمن العسكري الأمر الذي أدى إلى إصابته بأضرار في جهازه السمعي فضلاً عن عدة أمراض أخرى .

وما أن أذن له الباري عز وجل بالشفاء حتى عاد مرة أخرى وبحميّة وإصرار أكثر منذي قبل إلى ميادين المظاهرات .....
أصيب أبو الزبير برصاصة بقدمه في مظاهرة بحي "صلاح الدين" أجريت له عملية على إثرها لكن إصابته تلك لم تفت في عزمه ولم تحجبه عن ميادين التظاهر والجهاد .....
حتى أنه كان يمشي "متعكزاً" على زملائه لمساعدته على المشي في المظاهرات ....

وما أن انتهى عهد السلم وشمّرت الحرب عن سواعدها حتى نزع أبو الزبير عباءة الهتاف والتظاهر مرتدياً بزته العسكرية معلناً انضمامه إلى صفوف المجاهدين ....
حيث تدرب أبو الزبير في معسكر للمجاهدين بريف حلب ليكون مجاهداً مع إخوته في حركة الفجر الإسلامية ....
وبينما كان أبو الزبير على إحدى جبهات الجهاد في حي العامرية إذ تلقى رصاصة قناص غادر اخترقت خاصرته وأسعف على إثرها إلى أحد المشافي ليدخل في غيبوية طالت عدة ساعات، استفاق بعدها أبو الزبير من غيوبته ليجد نفسه بين أصحابه فبكاها قائلاً: "لربما حجب الباري عز وجل عني الشهادة لكثرة ذونبي " بعدها بلحظات توقف نبض الشهيد ليحل ضيفًا عند رب كريم ....
عرف أبو الزبير بشدة ورعه وتقواه وكان وقافاً عند حدود الله عز وجل، لا يتجاوزها ولا يتساهل بها حتى أنه وقبل وفاته بقليل طلب من الممرضة عدم إظهار وجهها أمامه خشية من الافتتان بها علماً أنه في سكرات الموت ....


شهد لـ "أبو الزبير" الكثيرون من زملائه بالخير والتقوى وحزن عليه الكثيرون وملؤوا صفحات التواصل الاجتماعي بصور وقصص وحوادث تشهد له بالفضل والخيرية ....
صديقه ورفيق دربه "عمرو أبو اليسر" كتب عنه الكثير ومن جملة ما كتب :"ابو الزبير يا خاي شو بدي قلك .. دمرتني اقسم با الله حرقت قلبي يا عيوني، بس لييييييش تخلف الوعد ؟؟ مو اتفقنا نستشهد سوا؟؟، مو وعدتني نعمر سوا ؟؟، مو قتلي نحن بدنا نبني الدولة الاسلامية مع بعض؟؟، دمرتنييييييييييي يا اخوي، كنت بتعرف انك رح تستشهد حتى قتلي انت احب الناس الي ؟؟؟
، لكككك، أاااااااااااااااااه، نيالك حبيبي

أما صديقه "سمرة " فقد كتب عنه الكثير أيضاً وآخر ما كتبه: "رح اجبر نفسي وابتسم :)، لأنو رافع وكل الشهداء هلأ مرتاحين والله مرتاحين، لازم ابكي على حالي، بالعكس هنن نجحو وانبسطو وفرحو ، وانا ، لسعتني بالامتحان الرباني بالدنيا ، لازم ابكي على حالي، وهي ابتسامة لك يا رافع يا حبيبي :)"

أما "أبو سلمى" أحد القادة  في كتيبة "أبو عمارة" فقد حكى عنه بعد استشهاده قائلاً:
"لم أعهده إلا رجلاً تقياً نقياً .. كان أكثرنا التزاماً وحرصاً على شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فضلاً عن وعي وعلم كبير سبق به الكثيرين ممن أهم كبر منه عمراً، وأضاف "أبو سلمى" حزني على  أمة تخسر يومياً عشرات الصالحين والمخلصين أمثال أبو الزبير"

عرف أبو الزبير أيضاً بابتسامته وظرافته وحبه لإخوته ورأفته الشديدة بالحيوانات وحرصه على رعايتها وإطعامها .....
- رحمك الله أبا الزير وأسكنك في الفردوس الأعلى برفقة سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم -