الشهيد أيوب بن مناع الأيوب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد النبين والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد

بقلم: نور الدين العبيدي
ما زالت الأمة تلد الأجيال المجاهدة جيلاً بعد جيل، كل جيل منهم نموذج للإسلام الحق.
 ومن أولئك المجاهدين الأبطال الذين باعوا أنفسهم لله: الشهيد المقدام أبو عبد الله بن مناع الأيوب تقبله الله، فمن يكون هذا البطل؟!
 
أيوب بطل همام سار على خطى الصحابة، وجمع الحسن من طرفيه، فقد أكمل الإسلام محاسن ومكارم الأخلاق لديه، كما أكمل الإسلام محاسن الأخلاق ومكارمها عند الصحابة العظام..
 
أيوب ذلك الحصان العربي الأصيل ابن الأصالة العروبية، ابن مدينة الميادين في دير الزور، ابن تلك العشائر اليعربية الأصيلة التي سارت برقي أخلاقها ومكارمها على نهج أجدادهم اليعربين الذين زادهم الإسلام حسناً إلى حسن، ودفعته المروءة والشهامة والنخوة الى الهبوب كريح عاصف، وإعصار جامح ليدفع الظلم، وليدافع عن أعراض المسلمين في سورية فامتطى صهوة الجهاد متسلحاً بسيف الإسلام، فطفق مسحاً برقاب النصيرية وأعناق الصفويين حتى خرّ صريعاً على ظهر جواده، وما ترجل منه أبداً لا حياً ولا ميتاً بل صعد به ممسكاً بعنانه إلى جنات الخلد تحت عرش الرحمن نحسبه ولا نزكيه على الله عز وجل، نحسبه والله حسيبه إنه بحق صقر العرب، ونسر الإسلام، وحُرّ الشام، وباشق الميادين، ذلك العقاب المحلق أيوب. هذا هو المختصر ولمزيد من التفاصيل والبيانات من حياة هذا البطل إليكم ما يلي:

الولادة والنشأة
ولد أيوب في عام 1977م في مدينة الميادين التي تتربع في حضن الفرات، وقد أحاطت بها عدة قلاع من أهمها: قلعة الرحبة، وكانت أرضها مياديناً للقتال والمعارك، وامتازت الميادين بكثرة مآذنها التي اتخذها المجاهدون مراصداً لقتال الغزاة الفرنسيين، والتي غدت اليوم هدفاً لمدافع الأسد وطائراته وقذائفه!!
وفي هذه البلدة الكريمة عاش ايوب طفولته مع والديه الكريمين، وقد قدّر الله عز وجل أن يعتقل أبوه وهو في ريعان شبابه، فاضطر أيوب للعمل في تجارة العقارات ليعيل أمه وإخوانه كونه هو بكر أبيه من الذكور، ورعى شؤون الأسرة بالرعاية الكريمة.
 
التزم بدينه منذ الصغر وانتسب الى الثانوية الشرعية في مدينة البوكمال، وتزوج من زوجتين كريمتين وأنجب ولداً من الأولى وولداً آخر وابنتين من الزوجة الثانية تولاهم الله ورعاهم.
 
أخلاقه وسجاياه
تميز أيوب برجاحة عقله وثقته بنفسه، والمحافظة على صلاة الجماعة في المسجد، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، والنفقة عليهم من ماله الخاص دون أن تعلم شماله ما تنفق يمينه، وكان صاحب همة عالية، وعزيمة قوية وجرأة قلب وإقدام فؤاد وصدق في القول وأخلاق سامية.
كان يتابع أخبار المسلمين ويألم فؤاده لما يرى من الظلم في بلاد المسلمين الذي يلاقونه من حكامهم الفاسدين، وقد ناله من ظلم النظام في سورية إذ سجن خمس سنوات دون أن يقارف أي ذنب، وجاءت أحداث العراق وأثرت في نفسه ووجدانه.
 
التحاقه بركب الثورة السورية
عندما هبت رياح الثورة في سورية ووصلت الى الميادين كان أيوب أول من تعرض لها، وانخرط فيها، ونسّق مظاهراتها وحماها من إيذاء الشبيحة طيلة فترتها السلمية، وعندما فرض النظام الغاشم العسكرة على الثورة السلمية سارع أيوب للالتحاق بركب المجاهدين، وسارع في تجهيز الكتائب المقاتلة، ثم انتسب الى كتيبة عباد الرحمن فكان من القياديين المميزين فيها، وخاض فيها عدة معارك بطولية.
 
منة التحرير وكرامة الاستشهاد
وبعد معارك متواصلة أبلى فيها أيوب بلاءً حسناً مع أبناء عمه وأقاربه من أبناء عشيرة القلعيين من البوخليل إحدى عشائر العكيدات في المنطقة الشرقية، والأحرار في تلك البلدة منَّ الله عز وجل عليهم بتحرير هذه البلدة التي أبت الضيم والخضوع والخنوع للمجرمين، ووكلت أعمال إدارة البلدة للشهيد العظيم أيوب فكان يدير شؤونها على أحسن وجه وأثناء قيامه بعمله عند مؤسسة المياه على ضفاف الفرات في 27-12-2012أصيب بقصف صاروخي استهدف تلك المنطقة، ويرتقي أيوب شهيداً عند ربه، وتطيب ماء الفرات برائحة دماءه المسكية، ولتستقر روحه بإذن الله في جوف طير خضر ترتع في الجنة حيث تشاء، وشيعت جنازته بعرس يليق بمقام شهداء الكرامة، ومن عادة أهل البلد هناك أنهم يطلقون الرصاص أثناء تشييع الشهداء فرحاً وابتهاجاً بعرس الشهيد، وقد أو أوصى أيوب أن لا يُطلق الرصاص أثناء تشييع جنازته حفاظاً على الذخيرة عليه من الرحمن الرضى في جنان الرضوان.
 
 فاهنأ أبا عبد الله بمقعد صدق عند مليك مقتدر بإذن الله فهذا هو الذي تقر به العيون ولمثل هذا يعمل العاملون.
حرر في 25-6-1433 ه، 5-5-2013م.