الخواطر

أخي المسلم:

إنَّ أَولى ما تحافظُ عليه خواطرَك التي تتردد في ذهنك، فإنها خواطرُ في بدايتها، وأعمالٌ في نهايتها، فاحرِصْ عليها أن تكون خواطر صالحة، لتؤدي لك صلاحاً، وتدنو بك من رضوان الله عز وجل.

فدافِعِ الخاطرةَ السيئة ولا تدعها تستقر في ذهنك، فإنك إن لم تدافعها صارت شهوة، فإن لم تدافعها صارت فكرة، فإن لم تدافعها صارت عزيمة وهمّة، فإن لم تدافعها صارت فعلاً وعملاً، فإن لم تتداركه بضده صار ذلك الفعل عادةً وطبعاً، وما أصعب الانتقال والتحول عن الطباع والعادات، فَرَدُّها من مبدئها أسهل من قطعها أو تحويلها بعد قوتها وتمامها.

ومعلوم أن الإنسان لم يُعْطَ إماتة الخواطر ولا القوةَ على قطعها، فإنها تهجم عليه هجوم النفس، إلاأن قوةَ الإيمان تعينه على قبول أحسنِها ورضاه به ومساكنته له، كما تعينه على دفع أقبحها وكراهته له ونفرته منه.

وقد خلق الله سبحانه النفس الإنسانية شبيهة بالرَحَى الدائرة التي لا تسكن ولا بد لها من شيء تطحنه، ولا تبقى معطلة أبداً، بل لا بد لها من شيء يوضع فيها، فإن وُضِعَ فيها حَبٌّ طحنَتْهُ، وإن وضع فيها حصى أو تراب طحنته.

فالأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحَبِّ الذي يُوضع في الرحى، فمن الناس من تطحن رحاه حباً يُخْرِجُ دقيقاً ينفع به نفسه وغيره، وأكثرهم تطحن رحاه رملاً وحصى وتبنا، فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه.

فحاسب نفسك في كل خاطرة، وراقب الله في كل فكرة، والله يتولى هداك يا أخي المسلم.

من كتاب:" أيها المستمع الكريم" إعداد ومراجعة: محمد زاهد أبو غدة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين