الحلقة الأخيرة من الحوار مع الشيخ محمود ميرة -
هذه الحلقة الأخيرة من الحوار مع فضيلة الشيخ محمود ميرة ـ حفظه الله تعالى ـ يحدثنا فيها عن امتحانه التحريري والشفهي في الأزهر وعن حصوله على الماجستير والدكتوراه .
كيف كان الامتحان؟:
كان الفحص تحريرياً وشفهياً، فكنا نختبر بالشفهي ، وهو أصعب من التحريري، يعطونك حديثاً من صحيح البخاري، وتحضره في يومين أو ثلاثة أيام، وتجتمع مع أساتذة يختبرونك فيه.
هذا أستاذ في البلاغة، وهذا في الأصول، وذاك من المصطلح و... في الحديث مع اختبار في حفظ أربعة أجزاء من القرآن الكريم لكل سنة جزءان، وفي السنة الثانية يستمعوا الأربعة الأولى، والثانية من الذاريات إلى آخر المصحف.
وهذه حفظتها في سن متأخرة ولم ترسخ في ذهني.
كيف تم اختبارك بحفظ القرآن الكريم؟:
لما دخلت لفحص القرآن الكريم قالوا: حفظت ؟! قلت: أحفظ 15 جزءاً من الأول، والأربعة الأخيرة: قالوا: لو سألنا من النصف الأول من القرآن تستطيع الإجابة؟ والواقع عندي أن حفظها أجود بكثير لأنني حفظتها وأنا صغير ـ
قلت : نعم. فاختاروا لي آيات امتحنوني بها، والحمد لله وفقني، وكان الشيخ محمود طحان واقفاً على الباب لأنه سيدخل بعدي، وهو يسمعني أقرأ من الأعراف والنمل؟ فاستغرب ووقع في نفسه الخوف. هل سيسألوه عن كامل القرآن ، وهو من حفاظ القرآن الكريم، لكن حضَّر الأجزاء الأخيرة الأربعة، ويعرف أن هناك سوراً لم أضبطها ضبطاً جيداً من الأجزاء الأربعة الأخيرة، وكان ينصحني يقول: لا تخاطر؟! فأقول: هذا ما أستطيع تقديمه.
وفي آخر سؤال قال لي المختبر: اقرأ سورة تبارك، وهي سورة تقرأ دائماً ومحفوظة. والحمد لله أن تمَّ الامتحان على خير، وأخذت درجة جيدة.
كيف تم اختبار الشيخ محمود طحان؟:
دخل بعدي الشيخ محمود طحان فقال: أحفظ القرآن ، فسألوه من الأجزاء المقررة فقط ونجح أيضاً.
متى تم الحصول على الماجستير ، ومتى نوقشت في الدكتوراه؟
الحمد لله أني كنت خلال الدبلوم سنتين في الدرجة الأولى.
وكان الحصول على الماجستير سنة 1969 ، ومنها إلى 1972، في الدكتوراه. والدكتور الطحان نوقش في 1971، ووقع خلاف لأنه كان قد أخذ الرسالة بعنوان:«الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث» وانتهى منها، وأسلوبه مع نفسه في الدراسة أسلوب عسكري لأنه درس معي كلية الشريعة فما بعدها.
هل درستم مع الشيخ محمود الطحان في الخسروية؟
لم نلتق في (الخسروية) مع أني كنت أحضر مستمعاً بمساعي شيخنا محمد الملاح ـ رحمه الله تعالى ـ .
ما المشكلة التي حصلت في مناقشة رسالة الطحان؟
حصلت له مشكلة في مناقشة رسالته، لأن الشيخ محمد السماحي كان أحد المناقشين، ويوم المناقشة رفض الشيخ السماحي الرسالة لأن الطحان ذكر الروايات الواردة في الطعن في الإمام أبي حنيفة مع أن الطحان ذكره ورد عليها!!
لكنَّ السماحي قال له: ولم َ إثارة هذا الموضوع، فإذا كان أمراً مكذوباً فلم الاشتغال بجلبه ثم الطعن فيه فربما قرأ بعض الناس القسم الأول ولم يقرأ ردك، وعندها تزرع في نفس القارئ فكرة سيئة عن أبي حنيفة، ثم يقال: الأزهر يجيز كتاباً يطعن في الإمام أبي حنيفة.
وفعلاً لما دخل السماحي قاعة المناقشة والشيخ أبو شهبة قد بدأ المناقشة، غضب السماحي من افتتاح الجلسة قبل قدومه، وسبَّ الشيخ أبا شهبة، وقال: تبدأ الجلسة والرسالة فيها طعن بأبي حنيفة، ورمى الرسالة، وذهب للجامع ليصلي الضحى، فذهبوا وراء ليصالحوه ويقبِّلوه ليقبل الاعتذار فلم يقبل، فحوَّلوا الرسالة بعد ثمانية أيام لغيره من المناقشين لينقذوا الشيخ محمود وتمَّ الأمر.
فنوقشت في السنة التي تليها، وكان معي محمود عبيدات.
ـ هل كان معكم الدكتور نور الدين عتر؟!
ـ لا كان متقدماً علينا بكثير ، وأخذ الدكتوراه قبلنا، وجاء للمملكة ودرس فيها قبلنا، فقد جاء قبلنا بسنة أو سنتين ومعه الدكتوراه، وكانت له مساع للتدريس في جامعة دمشق، ولم يتيسر الأمر فدرس في الجامعة الإسلامية، ثم لما فسح له الأمر في دمشق ترك المدينة وذهب للتدريس بكلية الشريعة.
والعتر صُلبٌ قويٌّ شجاع، له مواقف قوية مع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد، وله اتجاه صوفي معتدل، لذلك لم يكن مرضياً عنه من قبل بعض المشايخ، لكنه كان لا يأبه لأحد.
ودرس في الجامعة الإسلامية ثلاث سنوات من 1964، ثم انتقل إلى كلية الشريعة في جامعة دمشق.
نرجع إلى المناقشة التي تمت سنة 1972 ميلادية، من الذي ناقشك؟
الذي ناقشني الشيخ سيد ندى ، والشيخ بصراطي حسنين، والشيخ سيد حكيم كان مشرفاً.
والشيخ سيد حكيم كان ورعاً، وهو الوحيد من شيوخنا في الأزهر الذي لم نر امرأة من نسائه أو بناته، فقد كنَّ متحجبات.
فتحت المناقشة، وحضرها الأستاذ سيد صقر، وشيخ آخر، وسيد صقر كانت له مداخلات تشعل الموقف بيني وبين الأساتذة.
وكانت معي فهارس المستدرك الثلاثة عشر فهرساً، التي صنعتها، وكتبت نماذج منها بحثاً بأنني قرَّبت المستدرك للناس بصنع فهارس تفصيلية.
فقال الشيخ البصراطي عن هذه الفهارس وتهكَّم قائلاً: هي للعجزة والكسالى، فقام سيد صقر وقسا عليه في اللهجة، وقال: هذا ما سبقنا به الغرب ، وليتنا اقتدينا بهم في مثل هذه الأمور الحسان.
وهكذا نوقشت الدكتوراه ، وعدنا إلى الجامعة الإسلامية.
وكان التدريس في الجامعة الإسلامية من سنة 1965حتى 1986 أي لمدة 21 سنة.
تم هذا اللقاء في منزل الشيخ محمود ميرة ـ حفظه الله تعالى ـ يوم الخميس 13 شوال 1428 وسنتابع بعون الله تعالى تتمة الحلقات في ذكريات الشيخ في تدريسه بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة في لقاءات قادمة مع فضيلة الشيخ ـ حفظه الله تعالى ـ وأمد في عمره.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين