الحرب على الارهاب والاتجاه الخاطئ

 

الحرب على الارهاب أصبحت وستبقى لفترة موضة العصر، انها عنوان عريض يحصل به بعض الزعماء على كرت اخضر من شعوبهم يحاربون به من يشاؤون وكيف يشاؤون ودون اي قواعد _ No rules_ كما في المصارعة الحرة...

بوش احتل بها افغانستان والعراق وخرج منهما وقد زاد الارهاب... واوباما حاول أن يكون أكثر ذكاءً فاختار حقن الدم الاميركي فهو يهاجم بطائرات دون طيار وبصواريخ تقذف من قواعد وبارجات بعيدة –لا من شاف ولا من دري- ... وأوحى له اللوبي الصهيوني أن يتبع سياسة (ضرب الارهابيين بالارهاببين والخروج من بينهم سالمين)!!!..!!! فهو يسعى لضرب الحوثيين بالقاعدة في اليمن وضرب شبيحة الاسد بداعش في سورية، وضرب السنة بالشيعة في العراق... وهو يحسب أن هذه السياسة ستجعله بمعزل عن رحى الحرب ولم يدر أنها استثمار خطير في تنمية التطرف بجميع أنواعة واتجاهاته وآثاره...

 

تلكؤ الغرب في التحرك لنصرة الشعوب المقهورة في صراعها مع الاستبداد والفساد ووقوفه موقف المتفرج من هذه الانظمة التي تنهج نهج الارض المحروقة، وثقافة الكيماوي والبراميل... لن يؤدي الا الى زيادة التطرف والارهاب بل هو بامتياز مفارخ للتطرف وبلادة الحس والتوحش... الحرب الحقيقية على الارهاب هي الحرب على الاستبداد والظلم والجهل... هي في إرساء الحرية والعدل ونشر العلم والتنمية... وإذا كان مثل هذا الكلام لم يعد ينفع بوش لانه خرج من البيت الابيض وأصبح صفحة سوداء في التاريخ فلعله ينفع اوباما الذي لم يقل كلمته الاخيرة بعد...

من طرف الثورات العربية، فعلينا أن نصبح اقوى بوحدة الكلمة والاعداد وكسب الاصدقاء والتخلص من الامراض والسلبيات الكثيرة التي تشتت الكلمة وتذهب الريح، ومن هذه الامراض التصرف بعقلية "وزارة الاعلام"، اي الهيمنة على الاعلام وكم الأفواه واحصاء الانفاس... ففي الدول المتقدمة ليس هناك وزارة إعلام، والعمل الاعلامي عمل مستقل يمثل سلطة رابعة للوطن، وعليه مهنيا الالتزام بالحق والحياد وكشف الاخطاء وتعرية المستبدين والفاسدين... فهو رقيب على السلطة والاحزاب والمؤسسات والشخصيات المؤتر يراقب حركاتهم وينتقد أخطاءهم وتجاوزاتهم فيرعوي من يرعوي ويستقيل من يستقيل ويدافع عن نفسه من له حجة وتأويل...

الدول المتخلفة المستبدة لا تستغني عن وزارة الاعلام وتجعلها بوقا للدعاية للنظام واخراس أي صوت معترض او ناقد... ومن اعتى اجهزة الاعلام تاريخيا جهاز الدعية الدعاية الذي انشأه هتلر وسلمه لجوبلز الذي اسس لتراث كبير من المغالطات والدعايات والاشاعات التي سطحت عقلية الامة وحركت العقل الجمعي بسلوك القطيع ومستوى طفولي في التفكير ومتضخم في العصبية والاستكبار...

اليوم لا يخلو تنظيم او تيار او تجمع في المعارضة السورية السورية من مكتب او جهاز اعلامي يفكر بنفس العقلية المرضية لوزارات الاعلام لانظمة الاستبداد العربية... فهو يحاول ان يلمع مجموعته ويحتكر الحقيقة ويسطح الافكار ويتقدم بيانات واستنكارات خشبية لا تبتعد كثيرا عن خطابات حزب البعث مثالا...

الذي أراه ان تعطى الحرية لكل اعضاء مجموعة أو منظمة ما في أن يقولوا ما يشاؤون ويطلقوا العنان لحرية الرأي والتعبير –ضمن قواعد المهنة- المعتمدة حياديا وعالميا وليست المصبوبة بقوالب اولي الامر الذين تجرح مشاعرهم الهمسة وترتعد فرائصهم من الكلمة...

أنا لا اتكلم عن أمر خيالي، فعشرات الدول المتقدمة ومئات المنظمات العالمية تغلب فيها حرية الكلمة والتعبير ويسمح فيها بنشر الآراء المخالفة والنقد الجريء...

فالاصل ان توضع قواعد عامة بمعايير مهنية ودولية لحرية الكلمة والتعبير، ويعبر الناس عن أفكارهم وآراءهم ثم تكون هناك محاسبة للمخالفين من خلال جهة مهنية وليس السلطة التنفيذية، فمتى احتكرت السلطة التنفيذية الحكم والقضاء معا فقد وقع الاستبداد والفساد، ويجب ان نمحي من قاموسنا التهم الجاهزة التي استخدمها نظام الاستبداد في سورية من مثل "التخوين" و"اضعاف الشعور القومي" و"وهن نفسية الامة" "نشر أنباء كاذبة من شأنها وهن نفسية الأمة وتعكير صلات الدولة بدولة أجنبية" ...

إن فاقد الشيء لا يعطيه، ولو انتصرت الثورة وهي تحمل أمراض الاستبداد والاحتكار والاقصاء والعنصرية والتخوين والكيل بمكيالين فسنكون قد استبدلنا عصابة بعصابة وخرجنا من تحت الدلف لنقف تحت المزراب.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين