الجن والأوبئة

نقل أحد الإخوة عن ابن القيم رحمه الله ما يفيد أن للجن وعالم الأرواح تأثيرا في الأوبئة. والتخلص من ذلك بالأدعية والأوردة. مهما يكن لكلام ابن القيم من سياق يحتاج إلى الوقوف عليه، فإنه ينبغي النظر فيه على ضوء علم الطب والأوبئة. أما الدعاء والابتهال والتضرع فهذا شيء مطلوب في كل الأحوال ويكفي في ذلك ما ورد في السنة الشريفة من أذكار.

ينبغي أن نتخلص من ثقافة الجن وتأثيراته فهذه لا نجدها عند الجيل القرآني الفريد الصحابة رضي الله عنهم. ونجدها فقط معششة في أذهان المجتمعات المتخلفة، البعيدة عن هدي النبوة.

في المغرب في إحدى السنوات كنت مدعوا مع بعض الإخوة إلى عقيقة وكان معنا الشيخ عبد الحفيظ العيساوي رحمه الله وكان داعية نبيها مرموقا، وعنده حظ من العلم والفهم. بعد انتهائه من الموعظة سأل صاحب المنزل الشيخ عبد الحفيظ هل الجن يسرق النقود(الفلوس) ابتسم الشيخ قائلا:"ترك بنك المغرب وجاء لنقودك ليسرقها." فضحكنا من جوابه ونباهته، ولم يدخل معه في تفاصيل تتعلق بالجن. ثم بعدها انحنى إلي وأحد الإخوة قائلا: الجنية التي عنده في المنزل هي التي تأخذ نقوده. وبعد مدة اكتشف الرجل أن زوجته هي من تتسلط على نقوده.

ثقافة الجن سيطرت على شعوب ما قبل الإسلام، وامتزجت بالخرافة والأساطير، واستغلها رجال الدين الكنسيون وغيرهم من الديانات والعقائد الضالة. وتسربت إلى ذهن المسلمين وأثرت على نصاعة التوحيد وإشراقاته. واستغلها أيضا الماكرون تجار الرقى والأحلام البعيدة عن هدي النبوة، ليضلوا الناس بها، فكأن الجن أصبح ندا لله نعوذ بالله، مع العلم انه خلق من مخلوقات الله تعالى وكفى، نؤمن بوجوده، ونؤمن بكل ما جاء في القرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة في شأنه.

نحن في حاجة إلى بناء فكرنا على نصاعة التوحيد الخالص لاشية فيه، والتخلص من الثقافة الخرافية المعطلة للطاقات العقلية، والمكبلة لمجتمعاتنا من التحرر والانعتاق. فالحضارة والعمران لا ينبنيان على الخرافة والدجل والأساطير، كالذين تصدوا لدبابات فرنسا بما يسمى ب(التباريد: نوع من الطلسمات يعتقد أن لها تأثيرا) بإيعاز من فقيه مشعوذ، فما كادوا أن يطلوا عليها. حتى احسوا برؤوسهم تنفصل عن أجسامهم، فما حياتهم بقيت، ولا تمائم التباريد نفعت. ولله في خلقه شؤون.

يمكن مراجعة ما قاله أستاذنا العلامة طه جابر العلواني رحمه الله عن ثقافة الجن في كتابه (التوحيد والتزكية والعمران).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين