الثورة السورية ومستقبل البشرية -16-

 

 

المستقبل لهذه الثورة

 

قال تعالى :  ?  قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ  ? (النمل : 65)

الغيب لله ، والأمر لله ، ولكن هناك سننا ربانية ، لا تتبدل ولا تتخلف ، وهناك مبشرات وانتصارات ، قرآنية ونبوية ، وواقعية ..

المستقبل لهذه الثورة فهي ليست حدثا عاديا ، وليست حربا بين وحش مفترس يحرق الأخضر واليابس وبين شعبه  الأعزل ، وإنما هي في حقيقة الأمر حرب صليبية صهيونية رافضية يتولاها بالنيابة عنهم الإبن المدلل لديهم ، المتعطش للتدمير والدماء ضد الإسلام والمسلمين ..

حرب صليبية صهيونية رافضية ضد إنسانية الإنسان وحريته وعدالته وروحه وجسمه وحضارته ..

حرب صليبية صهيونية رافضية ضد وجود الإنسان كإنسان .. والتعامل معه على انه آلة ، أو عبد أو شيء مهمل أو حيوان ..

حرب صليبية صهيونية رافضية ضد الأديان والأقليات التي كانت تعيش تحت ظل الإسلام في سلام وأمن وأمان ...

المستقبل لهذه الثورة المباركة ، فالفطرة انتفضت ، وعرف الإنسان معنى وجوده ، وغايته ، وهدفه ، ومقصده ..

الفطرة انتفضت ، وعرفت الجواب لماذا خلقنا الله ؟ لعبادته سبحانه وحده ، لا عبادة العباد ..

الفطرة انتفضت تتمسك بالإسلام ، عقيدة وعبادة ومعاملات ، الذي يرعى مصالح الإنسان مهما كان لونه وجنسه وبيئته ونوعه " فالعقيدة بأصولها وفروعها جاءت لرعاية مصالح الإنسان في هدايته إلى الدين الحق، والإيمان الصحيح، مع تكريمه والسمو به عن مزالق الضلال والانحراف، وإنقاذه من العقائد الباطلة، والأهواء المختلفة، والشهوات الحيوانية، فجاءت أحكام العقيدة لترسيخ الإيمان بالله تعالى، واجتناب الطاغوت، ليسمو الإنسان بعقيدته وإيمانه إلى العليا، وينجو من الوقوع في شرك الوثنية، وتأليه المخلوقات من بقر وقرود، وشمس وقمر، ونجوم وشياطين، وإنس وجن، ويترفع عن الأوهام والسخافات والخيالات ....

وفي مجال العبادات وردت نصوص كثيرة تبين أن الحكمة والغاية من العبادات إنما هي تحقيق مصالح الإنسان، وأن الله تعالى غني عن العبادة والطاعة، فلا تنفعه طاعة ولا تضره معصية، وأن العبادات تعود منافعها للإنسان في كل ركن من أركانها، أو فرع من فروعها، والنصوص الشرعية صريحة في ذلك وكثيرة. 

وفي المعاملات بيّن الله تعالى الهدف والحكمة منها، وأنها لتحقيق مصالح الناس بجلب النفع والخير لهم، ودفع المفاسد والأضرار والمشاق عنهم، وإزالة الفساد والغش والحيف والظلم من العقود، لتقوم على المساواة والعدل بين الأطراف. 

وتتجلى مصالح العباد في تحريم الخبائث والمنكرات لدفع الفساد والضرر عن الإنسان، وحمايته من كل أذى أو وهن. 

وتظهر مصالح الإنسان بشكل قطعي في الدعوة إلى مكارم الأخلاق، وحسن التعامل، والإحسان إلى الإنسان، وتجنب الإساءة إليه ولو بالحركة والإشارة والكلمة واللسان، واليد والتصرفات، لتسود المودة بين الناس، ويكونوا كما صورهم رسول الله e، فقال: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ([1])

انتفضت وثارت فطرة الشعب ونفضت الذل والهوان ، ومهما حاول الغرب والنظام الوحشي أن يقضي على الثورة المباركة فلن يستطيع .. ? فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ?  (الروم : 30)

إن مستقبل الثورة إلى خير لكل البشرية ، فالخيرية لا تعرف حدود سايكس بيكو ، ولا تعرف الحدود الجغرافية ، وإنما تعم الأرض جميعا .. وهذا التأمر الكبير من العالم كله شرقه وغربه ما هو إلا برهان ودليل واضح على خيرية هذه الثورة المباركة .. وعلى العالم  أن يراجع نفسه ، وأن يراجع مواقفه ، ويحدد إلى أين يسير ؟ فالطريق الذي يسلكه  في حربه للثورة طريق مغلق مسدود ليس فيه مخرج وبالتالي شقاوته وتعاسته وموته .

والطريق الذي يسلكه في صمته وغض الطرف عن المذابح والتدمير والهمجية الوحشية طريق نهايته دمار العالم .

وعلى العالم أن يعلم حقيقة المعركة  فالصليبية الصهيونية وحلفاؤها الوثنيين والرافضة تحارب الله ، وتحارب دين الله ، وتحارب عباد الله ... ونظرة على التاريخ سيجد أن كل من حارب الله انهزم ولو بعد حين ، وإن الإسلام دين الله باق ، تكفل سبحانه العلي القدير بحفظه .

أين مملكة فارس والروم ؟

أين سبع حملات صليبية كبرى في جيوش جرارة جاءت لمحو الإسلام من الشام ومصر ؟ فكان هلاكهم فيها ، وبقي الإسلام .

أين المغول الذين دمروا كل من يقف إمامهم ، واقتلعوا في طريقهم دار الخلافة وأرادوا ابتلاع الشام ومصر ؟  فكانت مقبرتهم وبقي الإسلام .

 أين الاحتلال الغربي لبلاد المسلمين ؟ فقد عجزتم عن البقاء وعدتم تجرون أذيال الخيبة والهزيمة

أين الاتحاد السوفييتي الذي كان أكبر أسباب انهياره الجهاد الأفغاني ؟

أين الشيوعية الاشتراكية التي زعمت أنها لتحقيق الحرية للطبقة العاملة ، وإزالة الظلم والاضطهاد ؟  اختفت وبقي الإسلام

أين الليبرالية الرأسمالية التي تزعم أنها صاحبة الحربة ، وتنادي بحقوق الإنسان ؟ هاهي تختفي أمام هذه الثورة والإسلام باق ..

أين كافة الأيديولوجيات والمناهج المستوردة والزعامات وأصحاب البطولات المصنوعة على عين الغرب  ؟ لقد فشلت وانكشفت عوراتها والإسلام باق ..

أين النظام العالمي الجديد ؟ يعيش في الوهم والإسلام باق ..

أين الإعلام الذي افترى وشوه وكذب ضد الإسلام ؟ انه يحارب نفسه ويدعو إلى الإسلام بطريقة غير مباشرة ، والإسلام باق ..

 


[1] ) بحث مقاصد الشريعة الاسلامية د. محمد الزحيلي  . والحديث رواه مسلم ( 2586)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين