التعارض بين بر أمي وأبي

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله

اختلعت أمي من أبي وأنا ابن ٥ سنين تقريبا، ونشأت في حجرها وأبي في بلد اخر، ثم تيسرت الأسباب وذهبت إليه وأنا ابن ١٤ عام تقريبا والآن أنا في السادسة عشر من العمر مع أبي وأمي في سوريا مع أهلها، وهي تخرج للكسب وجلب الحوائج وأرغب ببرها وخدمتها وأبي في مصر لا يريد العودة لسورية بسبب الظروف الراهنة، وأنا ابنه الذكر الوحيد  ويحتاجني وأريد بره أيضا..

وكل يريد أن أكون بجواره وأمي رافضة أن تأتي إلى مصر علما أن أبي حاول كثيرا أن يلمَّ شمل الأسرة وحاولت أنا فكانت أمي هي الرافضة تقول: إنها تخشى من أبي على دينها، علما أن كليهما يرضيان بشرع الله، فأبي من أسرة معروفة أنها من الأشراف ومن تلاميذ المشايخ ولديه دبلوم في الفقه المقارن، وأمي درست الثانوية الشرعية وكلية الشريعة.

السؤال: ما المطلوب الشرعي مني؟ أرجو الإجابة مع الدليل؛ لأن أبي لا يقبل قولا إلا بحجة. وجزاكم الله عنا خيرا.

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

قضى الله تعالى ببرّ الوالدين، وأمر ببرّهما جميعًا، والإحسان إليهما، فقال: (وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إيّاه، وبالوالدين إحسانًا) أي: قضى أن تحسنوا إلى الوالدين، فهما في أصل الأمر بالإحسان إليهما في رتبة واحده

فواجبك أن تبرّهما جميعا، ولا يسقط واجب البرّ عن أحدهما مطلقًا، والمعاملة بالمعروف واجبة حتى مع الكافرين: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا)، فالواجب المصاحبة بالمعروف على كل حال، والكلام الحسن معهما، وترضيتهما.

وإيّاك أن تقصّر في حقّ أحدهما إرضاء للآخر، فإرضاء الله تعالى الذي أمر ببرّهما جميعًا أولى.

وإن كانت المفاضلة بين الأب والأم حاصلة لا محالة فعليك أن تنظر إلى نصح النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حين سأله أحد الصحابة الكرام رضي الله عنهم: (من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أبوك) فأنت ترى أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم نصح أصحابه أن يبرّوا أمّهاتهم قبل آبائهم. فإن كانت ثمّة موازنة بين الأبوين فالأمّ أولى.

إلاّ أنّ بقاء الأمّ في ديار الظالمين عند النظام المجرم، واحتمال الفتنة فيها أكبر من غيرها، فلا يجب عليك أن تعود إلى ديارهم بعد أن أنقذك الله منها، فاحمد الله تعالى على السلامة منهم واجتهد في برّها بقدر استطاعتك، وأقنعها أن تأتي إلى حيث تعيش، فلعلّ الله ييسّر لها ذلك.

والله أعلم  

ويمكنك أن تعود للفتوى رقم 5539 للاستزادة

https://islamsyria.com/site/show_consult/5539


التعليقات