الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يحذر من زعزعة الاستقرار السياسي في مصر، ويطالب المعارضة باتباع قواعد الديمقراطية في التغيير

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد:
فوجئ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بما تناقلته وسائل الاعلام من إصرار دعوة أعداد من الجهات المعارضة في مصر للتجمع في 30 يونيو للاحتجاج على الرئيس والحكومة والإخوان، والمطالبة بإسقاط الرئيس، وإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما يعني إتاحة الفرصة للبلطجية والمستأجرين بالملايين، ودعاة الشغب والفتنة أن ينضموا إلى أولئك الثائرين، ويستخدموا المولوتوف والخرطوش والشبوب والنار، ويفسدوا في الأرض بعد إصلاحها. وهو ما يعني قتل البرآء، وترويع الآمنين، وتعريض الممتلكات الشخصية والعامة، وقطع الطرقات، وتعطيل مصالح الناس، ومرافق الحياة في مصر، في 30 يونيو، بحجة المطالبة بتنحي الرئيس المصري ا.د. محمد مرسي -حفظه الله- الذي انتخب انتخابا شرعيا، ثم جاء الاستفتاء على الدستور بموافقة ما يقرب من ثلثي المنتخبين، حيث كان ذلك موافقة أخرى من الشعب المصري على كونه رئيسا له.
 وإن الاتحاد ليستغرب أن ينخرط في هذه الدعوة المغرضة بعض المثقفين والإعلاميين والسياسيين ممن يعول عليهم في الوقوف مع الحق ومناصرته، والذب عن ثوابت الأمة، والتمسك بمقتضيات المنطق، والعقل، وحكم صناديق الاقتراع...
ويرى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما يلي:
1-    إن الاتحاد إذ يستغرب صدور هذا السلوك الغريب من بعض الذين يفترض أنهم ينتمون إلى الفئات الواعية المدركة، ليستبعد أن يستجيب العقلاء والخيرون من شباب مصر العظيم، الذي أطاح بالطاغية دفاعا عن الحرية والكرامة، وزكى انتخاب الدكتور محمد مرسي حرصا على تحقيق العدالة والتتنمية والمساواة وبناء مصر العظيمة ذات المكانة الرائدة عربيا وإسلاميا و إقليميا ودوليا....
إن الاتحاد يرى أن جهود الشعب المصري الكريم خاصة نخبه المثقفة وطلائعه الشبابية يجب أن تستنفر لحماية المكتسبات الديمقراطية، واستكمال جهود الإصلاح السياسي والمؤسسي للدولة، وإتقان التخطيط للتنمية المستديمة الشاملة والعادلة،ولتؤمن لشعب مصر الكريم - بكل مكوناته - ما يستحقه من حياة كريمة، تليق بمكانة مصر التاريخية والحضارية، ودورها المرتقب في المشهد العربي والاسلامي والدولي ....
وإن الشعب المصري الكريم لجدير أن يقف بالمرصاد لدعاة الفتنة، الذين يمكرون به لتمزيق وحدته، وتعطيل تنميته، والدوس على مكتسباته الديمقراطية والدستورية.
وإن ذلك الوقوف بعينه هو الوفاء لأرواح الشهداء والكرامة، وتقدير معاناة الجرحى والضحايا، والاعتراف بجهود الخيرين من قادة الرأي والفكر والدين، وأبطال القيادات العسكرية الذين أوصلوا الشعب المصري الكريم، الى أن يُعبّر عن اختياره  لقيادته بإرادته الحرة، ولأول مرة في تاريخ مصر الطويل.
إن الشعب المصري، أعطت أغلبيته بإرادتها الحرة الرئيس مرسي حق اختياره رئيسا لها بحكم الدستور أربع سنوات. وبذلك أصبح من (أولي الأمر) الذين تجب طاعاتهم، كما جاء في القرآن الكريم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [ النساء:59 ] وطاعته واجبة، والخروج عليه بغير كفر أو معصية بارزة: حرام.
روى البخاري ومسلم، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السمع والطاعة حق على المرء المسلم، فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة".
ولم يأمر محمد مرسي ولا حكومته بكفر ولا معصية، فواجب الشعب أن يطيعه.
2-    إن الاتحاد بقدر ما يقدر مدى نضج الشعب المصري العظيم - بكل مكوناته- وقدرته على مواجهة التحديات، يهيب بالمعارضة السياسية بشكل خاص إلى أن تحترم القواعد الديمقراطية، وإرادة الشعب المصري، وتلتزم الطرق والأساليب النضالية المشروعة والقانونية، بعيدا عن استغلال عواطف الغوغائيين، حتى لا تؤسس بذلك للتشويش على من وصلوا للمسؤولية عن طريق صناديق الاقتراع والانتخابات الحرة النزيهة، وهو ما يهدد بمسلسل من الاضطراب وعدم الاستقرار واختلال الموازين – إذا حدث لا قدر الله- لن ينجو منه أحد،حتى الذين يستمرئونه في الظروف الراهنة...
3- إن الاتحاد إذ يصدر هذا البيان دعما للشرعية الدستورية، ودفاعا عن استقرار الدولة المصرية، وحرية شعبها في اختيار من يحكمه، ليدعو الرئيس المنتخب الاستاذ الدكتور محمد مرسي إلى ضرورة التعامل الحكيم مع الموقف لحماية السلم العام والطمأنينة والسكينة، والذب عن اختيار الشعب المصري ومكتسباته الديمقراطيةوالدستورية، بعيدا عن الأساليب الجائرة في استخدام القوة أو التدابير القاصرة عن درء الفتنة، باستخدام الحزم في غير عنف واللين في غير ضعف، حتى لا تنتشر الفتنة، وينجح دعاة الفساد في زعزعة أمن المجتمع، والعبث بسكينته واستقراره، والتلاعب بمقدرات الدولة ومرافقها العمومية، وبنيتها التحتية .
4-    يطالب الاتحاد جميع القوى الاسلامية والوطنية والخيرة الى الوقوف مع ارادة الشعب المصري وثورته والوقوف ضد فلول النظام السابق، وأعداء الاستقرار في مصر ويحذر من التفرق حول اهداف الثورة المصرية العظيمة؛ حيث إن هذه المؤامرة اليوم ليست ضد الرئيس د. محمد مرسي، وإنما هي ضد ارادة الشعب المصري في اختياره الإيمان بالله تعالى أساسا، والاستمساك بالاسلام مرجعا، والعودة الى الريادة والقيادة.
 
حفظ الله الشعب المصري من كل مكروه، ومن كل نزاع تذهب به الريح .
ووفق الله الرئيس المنتخب ا.د. محمد مرسي إلى ما فيه مصلحة العباد والبلاد.
حفظ الله الجماهير المصرية، والنخب المصرية، من شر دعاة الفتنة والفساد.
وأبقى الله الشرفاء ، من أهل العلم والرأي والدعوة للبلد، رعاة وحماة، من كل شر.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز).
 
أ.د علي القره داغي                                                          أ.د يوسف القرضاوي
 
الأمين العام                                                         رئيس الاتحاد