المفتون في القرن العاشر
53- رضي الدين الحنبلي
908-971هـ
1502-1563م
الشيخ الإمام العلامة المحقق المدقق أبو عبد الله، رضي الدين، محمد بن إبراهيم بن يوسف بن عبد الرحمن الحلبي الحنفي المعروف بابن الحنبلي.
فقيه أصولي، ومحدث ثقة، ومؤرخ مدقق، وعالم موسوعي، وشاعر أديب، له اليد الطولى في مختلف العلوم العقلية والنقلية، كالحساب والهندسة والزراعة والصيدلة والفرائض والعروض والتصوف والأدب وغيرها.
ولد بحلب، وتفقه على أبيه، وعلى مجموعة من علمائها الكبار كالشيخ الخناجري والشيخ أحمد بن حسين الباكيزي ومحمد بن شعبان الديروطي وولي الدين الشرواني وغيرهم، وانتفع به كثير من العلماء، وأخذوا عنه، كالبرهان العمادي وعبد اللطيف الجامي، وعلا شأنه، وتصدر للإفتاء والتدريس والإجازة والتأليف، أتقن فقه الشافعية وألّف فيه كما ألّف في الفقه الحنفي.
ترك أكثر من خمسين مصنفاً ورسالة في مختلف العلوم والفنون كالتاريخ والفقه والتصوف والفرائض والمنطق والحساب والأدب وغيرها، نذكر منها على سبيل المثال:
1- در الحبب في تاريخ أعيان حلب؛ تاريخ. [35]ط
2- الزبد والضرب في تاريخ حلب؛ تاريخ[36]. ط
3- قفو الأثر في صفوة علوم الأثر، مصطلح[37]. ط
4- أنوار الملك على شرح المنار لابن الملك؛ أصول.[38] ط
5- بحر العوّام فيما أصاب به العوام، لغة[39]. ط
6- ربط الشوارد في حل الشواهد؛ نحو[40]. ط
7- شرح اللباب؛ فقه شافعي. خ
8- شرح المقلتين في حكم القلتين؛ فقه. خ
9- روضة الأرواح على السراجية؛ فرائض. خ
10- فتح العين عن الاسم غير أو عين؛ لغة. خ
11- مغني الحبيب عن مغني اللبيب؛ نحو. خ
12- شرح ايساغوجي؛ منطق. خ
13- عدة الحاسب وعمدة المحاسبة؛ حساب. خ
14- ديوان شعر جمعه تلميذه الشيخ أحمد بن منلا. خ
وانظر باقي تصانيفه في كشف الظنون وهدية العارفين وإعلام النبلاء والأعلام.
وله شعر لطيف نجده في طيات كتبه، منه قوله:
عودونا بنومة السحر=بعدما أزمعوا على السفر
علّ طيفاً لهم يمرّ بنا=في محياه دارة القمر
قم لما حلا المنام لنا=واعتقلنا مرارة السهر
غاب عنا لطيف طيفهم=واعترتنا هواجس الفكر
ثم قالو: ألم يلمّ بكم=قلت: كلا، أخانني نظري
كيف أناظركم وحجتنا=في حلاها كساطع الغرر
إن يكن طيفكم ألمّ بنا=فاسألوا طيفكم عن الخبر
توفي بحلب يوم الأربعاء ثالث عشر من جمادى الأولىن سنة: إحدى وسبعين وتسعمائة للهجرة النبوية الشريفة، ودفن في مقبرة الصالحين خارج باب المقام [41].
وأسفت عليه مدينة حلب ورثاه كثير من الشعراء، ومنهم تلميذه الشيخ أحمد بن منلا، بأبيات منها هذان البيتان اللذان كتبا على قبره:
قبر شيخ الإسلام مفتي البرايا=الإمام الرضي ذي الآداب
حلّ في قبره فقلت عجيباً=بحر علم، واراخ كف تراب
971هـ
54- إبراهيم بن بخشي (دده خليفة)
973 هـ 1565م
العلّامة تاج الدين، إبراهيم بن بخشي بن إبراهيم الصونسي الحنفي، المشهور بدده خليفة.
عالم فقيه مفت، بلغ شأواً في العلم والمنزلة، تقاصر دونه كثير من العلماء، كان آية في الحفظ والإحاطة، وله اليد الطولى في الفقه والتفسير.
كان أول أمره يعمل في الدباغة، فاتفق أن رأى مفتي بلدة أماسية[42] يحلّ مكرماً على بعض أهل البلد، فأدرك أن هذا الإكرام جاءه من جهة العلم الذي يحمله، وأن ازدراء الناس له يناله من جهة جهله، فعزم بالحال على طلب العلم، وتوجه إلى الله أن يكرمه به، وكان له ذلك؛ حيث جدّ واجتهد، حيث وصل ونبغ، وتصدّر للتدريس والإفتاء في عدد من مدن المملكة العثمانية؛ كأزنيق[43] وأماسيه وبروسه[44] ومرزيغون[45] وغيرها، ثم تولى الإفتاء في مدينة حلب، وأضيف إليه التدريس في المدرسة الخسروية[46]، وهو أول مدرّس في المدرسة الخسروية، وأول مفتٍ من الروميين (الأتراك) فيها، ولم يزل بمدينة حلب على الجد في المطالعة والديانة في الإفتاء، إلى أن نقل عنها إلى ديار ربيعة[47]، وهناك تقاعد عن مناصبه، ولزم بيته إلى أن وافته المنية، سنة: ثلاث وسبعين وتسعمائة للهجرة النبوية الشريفة[48].
55- نصوح بن يوسف الأرنؤوطي[49]
981 هـ 1573م
نصوح بن يوسف الأرنؤوطي أصلاً، السلانيكي[50] مولداً ومقاماً الحنفي مفتي حلب، ومدرّس المدرسة الخسروية فيها.
رحل من بلده القسطنطينية[51] في طلب العلم، فحصّل ونجح وأصبح كاتباً عند بعض قضاة العسكر، ثم مفتياً ومدرساً في عدد من المدن في الدولة العثمانية، ثم تولى الإفتاء في مدينة حلب، والتدريس في المدرسة الخسروية، وحصل خلاف بينه وبين القاضي أحمد بن محمود، الذي كان يمزق فتاويه، فقصد العاصمة ليستنجد بالباب العالي ليخلصه من الإفتاء في حلب، ويرقيه أسوة بأقرانه، لكنه عاد خائباً، وبقي على فتوى حلب مع الابتعاد عن القاضي قدر الإمكان، وقد أخذ عليه علماء حلب بعض فتاويه في الطلاق، اتسم بالتواضع وترك النفس.
توفي سنة إحدى وثمانين وتسعمائة للهجرة النبوية الشريفة[52].
[35] مطبوع بتحقيق محمود فاخوري وزكريا عبارة نشر وزارة الثقافة دمشق
[36] مطبوع بتحقيق الدكتور محمد التنجي من منشورات جمعية احياء التراث الكويت
[37] مطبوع بتحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، نشر دار التراث الإسلامي حلب
[38] مطبوع مع حاشية الزهاوي وخاشية عزمي زاده بتحقيق لياس قبلان نشر دار ابن حزم
[39] مطبوع بتحقيق شعبان صلاح نشر دار الثقافة القاهرة
[40] مطبوع بتحقيق ودراسة شعبان صلاح نشر دار الثقافة القاهرة
[41] شذرات الذهب 8/365، وهدية العارفين، 2/248، ونهر الذهب 1/8، آداب اللغة 3/300، وإعلام النبلاء 6/62، الأعلام 5/302.
[42] أماسيه: بلدة تقع في تركية اليوم. وانظر مصور تركيه الحديث.
[43] أزنيق: مدينة على ساحل بحر القسطنطينة، وهي اليوم في تركية. يُنْظَر: معجم البلدان، 1/202.
[44] بروسه: إحدى المدن في السلطة العثمانية، وتدعى اليوم بورصة ينظر مصور تركيا الحديثة.
[45] مرزيغون: مدينة في بلاد أرمينية. يُنًظَر فتوح البلدان، 1/176.
[46] المدرسة الخسروية: أمر بإنشائها والي حلب ثم وزير الدولة العثمانية خسرو باشا، وأتم بناءها مولاه عبد المنان الخسروي سنة: 952هـ، وهي ما تزال قائمة على الشكل الذي ينبت عليه، وما تزال مدرسة للعلوم الشرعية ، يطلق عليها الثانوية الشرعية، إلا أنها هدمت على يد الطغاة إبان ثورة عام: 2011م ، وموقعها أمام باب القلعة، وانظر الحديث عنها في إعلام النبلاء ج3 ص157، ونهر الذهب 2/93، وأحياء حلب، ص17. وكتاب التعليم الشرعي ومدارسه في حلب في القرن الرابع عشر للمؤلف
[47] ديار ربيعة: بلاد ممتدة بين الموصل ورأس العين، ويدخل فيها كثير من البلدان والقرى كـ (نصيبين، والبقعاء والخابور)، وربما جمع بينها وبين ديار بكر. يُنْظَر: معجم البلدان، 2/562.
[48] در الحبب الجزء الأول القسم الثاني الترجمة رقم /20/ وإعلام النبلاء 6/72. كما ترجمه صاحب العقد المنظوم ونقل الطباخ في إعلامه عنه.
[49] الأرنؤوطي: سمي الأتراك الألبانيون: الأرناؤوط؛ توهماً منهم أنهم من أصل أرغونوطي. يُنْظَر: موسوعة حلب المقارنة، خير الدين الأسدي، 1/109.
[50] نسبة إلى جزيرة (سيلان)، وهي جزيرة عظيمة، فيها (سرنديب) والبحر الذي عندها يسمى (سلاهط)، وهي متوسطة بين الهند والصين. يُنْظَر: معجم البلدان، 4/339.
[51] القسطنطينية: مدينة معروفة في تركية اليوم باسم (إستانبول)، وكانت عاصمة للسلطنة العثمانية. يُنْظَر: معجم البلدان، 5/169، وفتوح البلدان، 3/762.
[52] در الحبب الجزء الثاني القسم الثاني، وإعلام النبلاء 6/107 وترجمة العرضي في أوراق نقل منها الطباخ في إعلامه.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول