الإسلام السياسي والتجارة بالدين

مصطلح (الإسلام السياسي) هو مصطلح حديث نال شهرته واتساعه مع دخول الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في منافسات انتخابية مع الأحزاب الليبرالية والقومية والماركسية .

وتم تداول هذا المصطلح على سبيل المكايدة السياسية ، حيث تم ترويجه على أنه: (تجارة بالدين) .

سنحاول مناقشة هذا المصطلح بلُغة من المفترض أن تناسب من يردد هذا المصطلح عن وعي .

سنناقش المصطلح على قاعدة ( الأيديولوجيا )، على اعتبار أنه ينبغي أن يكون لأي مثقف واعي ( أيديولوجيا ) ما .

فالأيديولوجيا : مجموعة من الأفكار المتماسكة المتكاملة تُكّ?ون عند الإنسان الواعي رؤية وتصور عن الكون وعن الإنسان (مبدأه وحياته ومصيره) ، وتصور نموذجي لتنظيم شئون المجتمع الإنساني .

وإذا أردت أن تختصر مفهوم الأيديولوجيا فمقدورك أن تسميها ( عقيدة ) .

ولكن؛ ليس كل دين أيديولوجيا ، وليس كل أيديولوجيا دين .

فقد يوجد دين ما ، يتحدث عن الروحانيات والمثاليات ومصير الإنسان بعد الممات ، ولا يملك تصوراً متكاملاً عن تنظيم شئون الناس في الحياة ( سياسية – اجتماعية – اقتصادية .....) .

وقد توجد أيديولوجيا على غير قاعدة الدين ، ولكنها تمتلك تصوراً كاملاً عن الكون ومصير الإنسان وتنظيم حياته على الأرض وتروج لنموذج حكم مثالي وفق أيديولوجيتها ، كالشيوعية مثلاً .

إذاً الإنسان الواعي المفكر ينبغي أن تكون له عقيدة تخلق داخله رؤية عن حياة الإنسان ومصيره ونموذج لإدارة المجتمع الإنساني .

فإذا كان الدين الإسلامي يقدم أيديولوجيا متكاملة تمتلك تصوراً عن الكون ، وعن الإنسان ، وتضع تصوراً لنموذج مثالي تضع له قواعده العامة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ...

فما هو العيب إذاً أن يكون للمسلم ( الملتزم بدينه ) رؤية سياسية منطلقة من أيديولوجيته ( عقيدته ) الإسلامية ؟!

ولماذا يكون هذا الحق مكفولاً لكل الأيدلوجيات ما عدا الإسلام ؟!

وإذا تفلسف متفلسف ، وقال : أي أيديولوجية إسلامية تريد هل نموذج داعش أم طالبان ؟

فبالمثل ، وأي ليبرالية تريد ، مبارك أم بن علي ؟ وأي ماركسية تريد لينين أم ماوتس تونج ؟ وأي قومية تريد ، صدام أم الأسد ؟ . . . 

فلكل أيديولوجيا مرجعية فكرية يمكن للمثقف الحقيقي بحثها للوصول لرأي يرتاح إليه .

فلنرتفع عن تلك التُرَّهات إذا أردنا فعلاً أن نرتفع بمستوى تفكيرنا ومستوى طموحنا لوطن حر يتسع للجميع .

ثم كلمة أخيرة لأي إقصائي تحت أي مسمى أيديولوجي : 

إذا كنت تتهم المسلم الملتزم صاحب الأيديولوجيا بالتجارة بالدين.

فما هي أيديولوجيتك أنت .؟.. وهل تستطيع عرضها في مناخ تنافسي حر .؟؟؟

وإلي كل مسلم يحاولون خداعه بتلك الألفاظ :

لا تقل : (الإسلام السياسي) .. ولكن قل : الجانب السياسي من الإسلام . لأنه دين شامل يرسم طريق السعادة للبشرية في الدنيا والآخرة .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين