الأفضلية بين الليالي والأيام

جعل الله الأيام والليالي أوعية للابتلاء الدنيوي الكبير؛ حتى يرى من سيقوم من عبيده بالاستجابة لله والرسول في ما دعاهم إليه مما يحييهم حياة طيبة لا تخلو من مشاق وكُبَد، ويرى هل سيملأون هذه الأواني بالأعمال الحسنة أو بالسيئة!

ومثلما اصطفى الله بعض البشر بعلمه وفضله فقد اصطفى بعض الأوقات، حيث اصطفى بعض الساعات من الأيام والليالي، واصطفى يوما من الأسبوع وأياماً من الشهر وشهراً من العام، كما أشارت إلى ذلك نصوص الوحي في مواضع عديدة.

ومن يتدبر ما ورد في القرآن وما صحّ من أحاديث المصطفى محمد؛ سيصل إلى حقيقة مطلقة مفادها أن أفضل أيام العام هي العشر الأوائل من ذي الحجة، وأن أفضل الليالي هي ليالي العشر الأواخر من رمضان، بمعنى أن الشمس لم تطلع على أيام أفضل من عشر ذي الحجة ولم يبزغ القمر على ليالي أفضل من عشر رمضان.

بالنسبة لعشر ذي الحجة فقد أبانت أحاديث نبوية أنها خير أيام طلعت عليها الشمس، أما عشر رمضان فقد أقسم الله بها في مطلع سورة الفجر بقوله تعالى: {والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسري}، ومما يؤكد أن المقصود بالقسَم هنا هو العشر الأواخر من رمضان، أنه استخدم مصطلح ليالي وهي خير ليالي العام بدون خلاف، ففيها ليلة القدر التي تنزل فيها القرآن الكريم، وهي خير من ألف شهر بنص القرآن.

ارتبطت العشر الأواخر من رمضان بالصيام وتنزّل القران وفيها أفضل ليالي العام على الإطلاق وهي ليلة القدر التي ذكرها القرآن في سورتي القدر والدخان، وجاءت العشر الأوائل من ذي الحجة مرتبطة بفريضة الحج وفيها يوم الحج الأكبر وهو أفضل أيام العام بدون منازع، ومن المعلوم أن أهم مشاعر الحج تتم في النهار وعلى رأسها الوقوف في عرفة.

ولأن هذه الأيام والليالي مواسم جهاد وحصاد بالنسبة للمؤمنين، فقد ختمها الله بجائزتي فرح واستبشار ليفرح المؤمنون العاملون بفضل الله عليهم الذي منحهم زادي الصيام والحج حتى يساعدهم في مغالبة مشاق الطريق، وتفضّل عليهم ببركة تلك الليالي والأيام، حيث ختم عشر ذي الحجة بعيد الأضحى وختم ليالي رمضان بعيد الفطر .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين