أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم - الشباب والوقت
أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم
للدكتور: محمد علي الهاشمي
للوقت في حياة الإنسان المعاصر ولاسيما الشباب قيمة كبرى، تزداد على مرّ الأيام خطورة وأهمية، ذلك أن الحياة تتعقد باستمرار، وتتعدد مسؤولياتها، وتزداد تكاليفها وتتشعب.
ومن ثَمّ زادت حاجة الشاب المسلم المعاصر للوقت، ليستطيع النهوض بتكاليف الحياة المتحضِّرة التي يعيشها، ويُنْجز الواجبات التي ترتَّبت عليه، ووجب أن يقوم بها.
إنه مطالب بقراءات متعدّدة متشعبة متنوعة، تتناول اختصاصه، وما يمتُّ إليه من قريب أو بعيد، ومطالبٌ بقراءة عدد من الصحف والمجلات الجادّة التي تُعنى بتحليل مشكلات عصره وبلاده وأمته، ومطالب بإنجاز أعماله اليومية في نطاق مهنته، وبقضاء حاجاته العيشية البيتية، والاهتمام بشؤونه الشخصيَّة وشؤون أفراد أسرته، والسؤال عن رحمه وذوي قرابته وأصدقائه، واستقبالِ الزائرين وردِّ زياراتهم، إلى غير ذلك من الأعمال والواجبات الكثيرة التي رتّبتها علينا الحياة الاجتماعية الحديثة، مما لا سبيل إلى حصره وإحصائه.
فكيف يستطيع الشاب المسلم أن يقوم بهذه الواجبات جميعاً؟ وكيف يجد الوقت الكافي للنهوض بها؟
إنه لن يستطيع القيام بها جميعاً، ولن يجد الوقت الكافي لإنجازها إلا إذا استعان بالتخطيط، واستفاد من كل دقيقة من وقته، فملأها بعمل من الأعمال الملقاة على عاتقه.
ومقتضى هذا التخطيطِ أن يكون أمام هذا الإنسان ورقة عمل عامة، لا تفارق مكتبه، يقع بصره عليها كل يوم، وُيسجِّلُ فيها كلَّ ما يتوجب عليه القيامُ به من أعمال شخصية واجتماعية وثقافية ودينية وبيتية، ويأخذ منها كل يوم ما يمكن إنجازه في سحابة يومه الذي هو فيه.
ويضيف إليها كل يوم ما استجدَّ في حياته من أعمال وواجبات.
وإلى جانب ورقة العمل العامة هذه، يكون لديه ورقة عمل يومية، لا يبدأ نهاره إلا بتنظيمها وترتيبها وترقيمها، بحيث لا يخرج من بيته إلا وهي في يده، تسدّد خطواته وترشده إلى الأعمال التي عزم على قضائها في هذا اليوم مصنَّفة مرتَّبة مرقَّمة، ويحسن أن يقوم بإعداد ورقة العمل اليومية هذه قبل النوم، كيلا تعجله ساعات الصباح، فينسى إدراج بعض الواجبات والأعمال فيها.
بهذا التنظيم والترتيب والمنهجية، يستطيع الشباب المسلم أن يعيش حياته الحافلة بالشواغل والأعباء والمسؤوليات والواجبات، ويحقق النتائج الآتية:
1ـ ينجز أعماله كلها،ويقوم بواجباته جميعا.
2ـ يحقق التوازن بين واجباته وأعماله، فلا تطغى أعماله الفكرية على واجباته الاجتماعية، ولا تنسيه اهتماماته البيتية واجباتِهِ الإنسانية، ولا تصرفه هذه الواجبات والاهتمامات والأعمال جميعاً عن العناية بأموره الشخصية.
3ـ يجد في وقته بركة وسَعَةً تعينه على المزيد من قضاء الواجبات والأعمال.
4ـ يشعر في خاتمة المطاف براحة نفسية، ولذّة روحية، تعزّان على الوصف، ولا تقدّران بثمن، إذْ ما من شيء أحبَّ إلى نفس الإنسان من شعوره بقيامه بواجباته وإنجازه الأعمال التي نيطت به. إنه ليحسُّ بعدها بنشوة غامرة، وراحة بهيجة، وغبطة طائرة، وكأنَّ جبالاً من الأثقال والكروب قد أزيحت عن صدره، فإذا هو طليق مرفرف مبتهج سعيد، تنعكس فرحته وسعادته على أسرته وأصدقائه، وكلِّ من يحيط به، وكلُّ ذلك بفضل التخطيط والتنظيم والاستفادة من الوقت.
فاحرصوا ـ أيها الشباب ـ على أوقاتكم ، بملئها بالعمل النافع المفيد، مستعينين على ذلك بالتخطيط والتنظيم والترتيب، واذكروا أنكم لا تملكون إلا هذه اللحظة التي تتنفسّون فيها، فالماضي من حياتكم قد انسلخ منكم، وأضحى في ذمَّة التاريخ، والمستقبل مُغيَّب مجهول ، لا يعلمه إلا الله.
وكل ما تستطيعون أن تقدموه لأنفسكم ودينكم وأمتكم، إنما هو في اللحظة التي لا تملكون سواها، فاملؤوها بالتخطيط والتنظيم والترتيب تعد عليك بأطيب النتائج، وأشهى الثمرات.
"ومضات الخاطر" بتصرف

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين