أطفالنا ونعم الله

أطفالنا والعبادة (9)

أطفالنا ونعم الله

د. عبد المجيد أسعد البيانوني

 

لقد تكرّر في القرآن الكريم في مناسبات عديدة الأمرُ الإلهيّ بذكر نِعْمَة اللهِ تَعالى، وهي لا يستطيعُ الإِنْسان أن يُحْصيَها عدّاً، والمقصُود بهَا جنسُ نعم الله، التي تَشملُ حياة الإنسان وكيانه كلّه..

والإنسان منْ طبعه النسيان، وإلفه للنعم، وتقلّبه فيها يجعله لا يحسّ بقدرها وأهمّيّتها، فكَان لابدّ له من التذكيرِ بها بين الحين والآخر.

 

وإنّ من فطرة الله في الإنسان حُبّ المحسن وَشْكره، والاعتراف له بالفضل، والثناء عليه في السرّ والجهر.

فما أحوجَنا إلى التذكير بنعم الله تعالى، لأنّنا عندما ألفناها لم نعدْ نستشعر أهمّيّتَها وَعَظَمَتها.. ومَن مِنَ الناس مَن لا يتقلّب في نعم الله التي لا تعدّ ولا تحصى، في جميع لحظَات حياته، مهمَا عَظُمَ ابتلاؤه.؟!

 

ومَن منّا مَن يذكرُ هذه النعمِ، ولا ينسَاها، ويعرفُ قدْرَها، ولا يغفلُ عنهَا.؟! ويؤدّي حقّ الله فيها كما يليق بجلال الله تعالى وعظمته.؟ إنّ الأعمارَ لتفنَى دونَ أدَاء حقّ الشكْر على نِعْمَةٍ من نِعمِ اللهِ عَلى العبد..

 

ومن ثمّ فقد تكرّر في القرآن الكريم التذكير بنعم الله تعالى على عباده، والحثّ على شكرها، والتحذير من كفرها، يقول الله تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا، إِنَّ الأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)} إبراهيم.

 

ويقول سبحانه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا، إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)} النحل. ويقول تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)} النحل. ويحذّر الله عباده منْ كفر النعَم، وأنّ عقوبته الشديدة تحيق بأولئك الذين لا يؤدّون حقّ الله فيها، فيقول سبحانه: {.. وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211)} البقرة.

 

ويبَيّنُ سنّتَه الثابتة في خلقه أنّه سبحانه لا يزيل النعمة عن قوم حتّى يسلكوا بها سبيل الفساد والانحراف، فيقول سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)} الأنفال.

 

وممّا يتنافى مع شكر نعم الله تعالى الاستهتار بنِعم اللهِ تعَالَى وإهدارهَا، كما يفعلُ كثير منَ الناس في مناسباتِ الأفراح، إِذْ يلقونَ مَا يزيد مِنْ طعامهِمْ في صناديق القمامَة، وَحولهُمْ منْ يتضوّر جوعاً، ويتلوّى فقراً.

 

ومن أهَمّ الحقائق التي يَنبغي أن يغرسها المربّي في نَفس الطفل:

ـ استشعار عظمة الله تعالى فيما أنعم على عباده وتَفضّل، منْ نعم لا تعدّ ولا تحصى، وأنّ العباد عاجزون عَجزاً مُطْلقاً عن أداء حَقّ شكره سبحانه.

ـ أنّ حقيقة الشكر إنّما هي استعمال النعمة فيما يرضي المنعم، وهو عمل يشترِك فيه اللسان والقلب والجوارح.

ـ ينبَغي أن يعوّدَ الطفل الإكثار من ذكر الله تعالى وشكره، وبخاصّة عند تجدّد نعم الله عليه، وسؤال الله العون على حسن عبادته.

ـ أنّ شكر النعم كما أمر الله هو السبيل إلى دوامها، ونيل المزيد منها، كمَا قَالَ تعَالى: {وإِذْ تأذَّنَ رَبُّكُمْ لئن شكرتُمْ لأزيدَنَّكُمْ، وَلَئن كفرتُم إنَّ عَذَابِي لَشديد (7)} إبراهيم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين