أسباب سقوط الدولة الأموية

الموجز في التاريخ:

أسباب سقوط الدولة الأموية

عبد المعين الطلفاح

 

إنَّ من أعظم ما فتك بعضد الدولة الأموية، وتسبب في سقوطها؛ بعدهم عن شرع الله تعالى؛ ثم الثورات الكثيرة التي كانت تقوم في وجوههم بين الفينة والأخرى، كثورة يزيد بن المهلب، وثورة زيد بن علي بن الحسين، ثم ابنه يحيى، وثورة البربر في إفريقية، وكذا ثورات الخوارج، وغيرهم من أصحاب الفرق، وانشغالهم بالصراعات الداخلية، وإن من أعظم ما أشغل الأمويين بعضهم ببعض؛ انقلاب يزيد بن الوليد بن عبد الملك، على الوليد بن يزيد بن الحكم، ومن ثمَّ قتله، ثم كانت نهاية الدولة الأموية على يد الثورة العباسية(1).

ولقد كانت ثورة العباسيين على الأمويين محكمةً في تنظيمها، هرميَّةً في هيكليتها، عميقةً في مضمونها، متدرجةً في خطواتها، سرّيَّةً في دعوتها، يبدأ هرمها من الإمام، الذي يحيط به اثنا عشر نقيبًا، ويحيط بالنقباء سبعون داعيةً، لهم ستٌّ وثلاثون نائبًا، ينتشرون في الأمصار بصفة تجار، يأخذون البيعة من الناس للإمام، دون أن يذكروا اسمه، ويقولون: إنما هو (الرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم) حتى لا يُفرق بين طالبي وعباسي.

وقد استفاد العباسيون من الثورات السابقة على الأمويين، وتلاشوا أخطاءها، دينية كانت أم سياسية، وكان من أعظم ما خدمهم في ثورتهم؛ حركيَّة ابن عباس رضي الله عنه؛ التي ظهرت في نصيحته للحسين رضي الله عنه لما خرج إلى الكوفة(2)، ولما بدأوا خروجهم على الأمويين؛ كان لكل رجل مهمته الخاصة، فلم تتداخل المهام، ولم تختلط على أحد، فكان للشرطة رجلهم، وللجيش رجلهم، وللكتب والرسائل رجل، وهكذا(3).

ثورات الطالبيين: قام الطالبيون بثورات عدة ضد الدولة الأموية، وإنَّ المتمعِّن في ثوراتهم تلك؛ يجد أنها كلها قد باءت بالفشل؛ بدءًا بثورة الحسين بن علي على يزيد بن معاوية، ثم ثورة زيد بن علي بن الحسين، ثم ثورة ابنه يحيى، ثم ثورة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عام: (127 هـ) وكان ابن عمر قد قال للحسين بن علي رضي الله عنهم: "والله لا يليها أحدٌ منكم أبدًا"(4)، يتأول بذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ عبدًا خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده»(5)، وكذا حصل مع أبي هاشم: عبد الله بن محمد بن الحنيفة، واضع خطوط الثورة العباسية، وراسم سياستها، حيث مات قبل أن يتسلم شيئًا منها، وآل الأمر بعده للعباسيين.

 

الهوامش:

(1) المصدر السابق، 2/568.

(2) ينظر: الطبري، تاريخ الطبري، مصدر سابق، 5/383، وينظر: ابن الأثير، الكامل، مصدر سابق، 3/148، وينظر: ابن كثير، البداية والنهاية، مصدر سابق، 8/159.

(3) ينظر: الصلابي، الدولة الأموية، مصدر سابق 2/529 وما بعدها.

(4) ابن كثير، البداية والنهاية، مصدر سابق، 6/232.

(5) البخاري، صحيح البخاري، مصدر سابق، 5/57، برقم: 3904.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين