أخلاق الانتصار

 

لكي ينتصر فريق على فريق في القتال هناك شروط رقمية في أن يكون أحد الطرفين أكثر عددا وعدة وأنصارا وخبرة... وهناك شروط سلوكية كأن يكون الفريق المنتصر يدا واحدة منظما، ومطيعا لقيادته، لديه إرادة القتال ،ويتحلى بالعزم والصبر...

وعند المؤمنين هناك شروط إيمانية في الاخلاص لله والرغبة في التضحية، والشهادة، وإعلاء كلمة الله، ونصرة المظلومين والضعفاء...

 

في الصراع الدائر في سورية اليوم، النظام ينتقل من جيش ضخم لديه نصف مليون جندي وشرطة ومخابرات ولديه أربعة آلاف دبابة وخمسمائة طيارة مقاتلة ، وبضع مئات من الحوامات ولا نهاية من براميل الخردة والديناميت... ينتقل إلى مليشيات طائفية وشبيحة مجرمين ومرتزقة متورطين مغسولي الدماغ...

والثوار ينتقلون من متظاهرين مسالمين إلى مسلحين، يدافعون عن أنفسهم وأهلهم باسلحة خفيفة إلى ألوية وفرق مشتتة يلتم شملها ببطء ويتحسن سلاحها مع الوقت ويشتد عودها يوما بعد يوم...

سيعرف الثوار عاجلا أو آجلا أنهم لن ينتصروا إلا بعد أن يتحلوا بشروط النصر عددا وعدة وخبرة... وبسلوكياته بالعمل يدا واحدة وبطاعة القيادة والتحلي بالعزم والصبر... وهذا بمعايير القوى المادية التي لا تحابي أحدأ، أما إذا أرادوا نصرا من عند الله فعليهم أن يضيفوا إلى ذلك إيمانا به وعملا بهديه ورغبة بالشهادة في سبيله...

سيساعد الالوية المتفرقة والفرق المشتتة على التجمع الحكمة والوعي في اللقاء على الاهداف العامة وترتيب الاولويات وتجاوز أمراض التخوين والتكفير والتشدد والاتفاق على مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية وإعطاء الفرصة بعد الانتصار للشعب ليقول كلمته ويكتب دستوره وفق حضارته وتراثه، ويختار ممثليه بنفسه، ويسدد ويقارب متعلما من تجاربه وخبراته...

 

لكل وقت أدب وسلوك يتصدر المشهد... وأدب وقتنا هو العمل يدا واحدة والالتقاء على ما نتفق عليه من رغبة في الحرية والعدالة. والخلاص من أخلاق الجاهلية وأمراض الاستبداد و(السلبطة) والتخوين والتكفير والتجريح... 

والذي لا يتعلم من العبر والتاريخ يتعلم من (كيسه) ويدفع الثمن على (داير مليم)...

أما الذين يجيدون القتال من السوريين خارج سورية، فقد أصبحت المشاركة فرض عين على كل قادر، ومن جهز غازيا فقد غزا، ومن ساهم في مظاهرة ومسيرة وتبرع ومقال نقول له شكرا لك وهل من مزيد، أما الذين لا يكفون عن النقد الهدام والتجريح المؤذي ونشر الاحباط فنتمنى أن يكفّوا الثورة شرهم وأن يحفظوا السنتهم... يحسبونه هينا وهو عظيم... 

 

وهناك قوم سَلِمتْ الثورة من السنتهم، ولكنهم يهاجمون الكرة الارضية كلها من شرقها إلى غربها أبيضها وأصفرها فلا يشكرون معروفا ويشككون في كل إنجاز، وتشل عقولهم نظرية المؤامرة والتشكيك في النيات وتجاهل الايجابيات وتضخيم الهَنات...

الثورة السورية اليوم في حالة مخاض لولادة الانسان السوري الجديد، السوري الحر العادل الصابر القوي الذي يقف شامخا كالبنيان المرصوص، كل ما يلزمنا التحلي بأخلاق الانتصار...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين