أحوال اللاجئين السوريين في المخيمات

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

 الشيخ العزيز و الأخ الكريم مجد مكي ،بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم ، وبعد :

فقد كنت وعدتك  - أخي الكريم -  أن أكتب مقالة عن معاناة اللاجئين السوريين داخل المخيمات وخاصة بعد زيارتي لمخيمي (قارقميش) الذي تقابله مدينة جرابلس في سوريا، وكذلك مخيم(نزيب) الذي يبعد عنه مايقارب الـ40 كلم . دامت زيارتي للمخيمين  مدة شهرين ونصف، وقد  آثرت ألا تكون معاناتهم في مقالة أدبية، بل اخترت أن أدخل إلى الموضوع مباشرة دون مقدمات لعلّـي أستطيع أن أقدِّم صورة واضحة لمطالب أولئك البائسين.

ويمكن أجمال ما عاينته قي عدة نقاط أهمها :

1-    اللاجئون يعانون معاناة كبيرة على الحدود التركية، وفي بعض المناطق يقوم الأتراك بإطلاق النار على اللاجئين الداخلين الحدودعبر الأسلاك ،ومنهم من يقضي الشهر على الحدود دون عناية من أحد.

2-   غياب المخيَّمات عن الساحة الإعلامية باستثناء مخيم (كلس) ولا أدري حقيقة هل هو بسبب أنه المخيم الأول في تركيا أم لأنه يعتبر من أفضل المخيمات تجهيزا وكون بقية المخيمات عبارة عن خيام منصوبة بينما مخيم (كلس) فيه كرفانات جاهزة .ولم أجد طيلة الفترة التي قضيتها في مخيمي (قارقميش) و(نزيب) ولا إعلاميا واحدا دخل إلى المخيم علما أنه حتى لو كان الدخول ممنوعا إلا  أنه ليس بالأمر المستحيل، فقد دخلت المخيم بصورة غير نظامية لأنني لا أملك جوازا عدة مرات.

3-   غياب المعارضة السورية عن المخيمات نهائيا، باستثناء شخصية أو اثنتين  ،ولكن مخيم (كلس) المغطَّى إعلاميا  .  وقد وجّهت عدة نداءات عبر الانترنيت إلى أغلب المعارضين لزيارة المخيمات 6 ساعات فقط : 3 ساعات في وقت الفجر و 3 ساعات وقت الظهرللوقوف على معاناة الأطفال والنساء أمام البرد والحر هذه المعاناة التي كانت تبكي الكثير من الأتراك الذين كانوا يعملون ضمن المخيم.

4-   قلة العناية والاهتمام في مخيم (قارقميش ) من الناحية الصحيَّة ومن ناحية التعامل مع اللاجئين  أيضا حتى وصل الأمر بالعسكر التركي إلى إطلاق الرصاص في الهواء لتفريق المتظاهرين على سوء المعاملة . ومعظم الناس الذين  كانوا يصلون  إلى المخيم يبيتون ليلة أو اثنتين أو أكثر ويفترشون الأرض ويلتحفون السماء . ومع تحمل السوريين لنصيب كبير في هذا الأمر لأن البعض مع الأسف كان يقوم بسرقة أغراض الخيم الثانية وسرقة الطعام وتقديم صورة غير حضارية  لا سيما فيما يخص النظافة والهدر ممَّا أدى إلى نفور القائمين على المخيم من اللاجئين ومعاملتهم بصورة قاسية . وهناك من بقي أكثر من خمسة ليال يغطّي أبناءه بالملابس لعدم وجود الأغطية .وهذه دعوة إلى كل الذين يتحدثون باسم اللاجئين أن يقوموا بالتوجُّه إلى المخيَّمات  لتوعيةالناس ، خاصة وأن المعارضة تدَّعي  أن النظام هو الذي ربَّى الناس على هذه الصورة،وهذه هي الفرصة للقضاء على التصحُّر السياسي الذي فرضه النظام.قد استطعت بفضل الله أن أشجع الناس في مخيم نزيب بالقيام بحملات  تنظيف داخل المخيم وقد لاقت قبولا واسعا، فالشعب يحتاج إلى من يحركه  وأن تصلي  - يا معارضة - متأخرة خير من ألا تصلي أبدا خاصة وأنك تتحدثين باسم هؤلاء.

5-   اللاجئون لا يحتاجون إلى الطعام والشراب فقط.اللاجئون في الحقيقة لديهم مطالب  من نوع آخر وهو أنهم يحتاجون إلى العلم والثقافة خاصة أنهم في بلد غير عربي فلا كتب عربية ولا صحف ولا أي شيء له علاقة باللغة العربية مما يدفعهم إلى تعلم اللغة التركية المتنفس الثقافي الوحيد ومن دون كتب .

6-   هذا نداء خاص بالأخ يوسف قدور إسكافي عمره 92 سنة من سجناء تدمر (10 ) سنوات يقيم في مخيم نزيب رقم الخيمة (c60) هذا الرجل بلا مبالغة تاريخ بجد ذاته  بالإضافة إلى كونه من الناس الذين قدموا لنا شيئا في الثورة السورية الأولى في الثمانينات، وهو وحيد في المخيم لا ولد و لا أخ و لا أي أحد. أرجو من المعارضة أن تتوجه إلى هذا الأخ بالسلام و الاطمئنان لا أكثر.

أخيراً :كثير من الناس من يتحدث باسمنا ولكن ما أقل الذين يعملون من أجلنا وما أحوجنا اليوم إلى الذين يعملون بصمت ولله لا للإعلام و المحطات الإعلامية .

أذكر تماما الكثير من المعارضين الذين خرجوا إلى الإعلام في بداية الثورة و هم يتلعثمون على المحطات لا يعرفون ما يقولون.

 كل الشكر إلى الثورة السورية التي أظهرت هؤلاء المعارضين على الساحة الإعلامية.

كل الشكر للثورة التي صنعتهم وعلمتهم الحديث والكلام، لكن مع الأسف بقي هؤلاء في حدود الكلام ولم يتعلموا من الثورة أنها ما كانت لتقوم وتستمر بالكلام فقط ، وهي قائمة إلى اليوم بفضل الأفعال ودماء الشباب التي عطرت أرض سوريا