أحمد حاج قدور.. العالم الداعية

مولده:

ولد الشيخ أحمد حاج قدور عام 1897م في قرية كفر دبين التابعة لجسر الشغور وكان لهذه القرية زوار من مشايخ الطرق ومنهم أبو الهدى الصيادي الذي صاهرهم فتزوج من عندهم حليمة بنت محمد قنبر وكان لجدي الشيخ أحمد قرابة معهم.

من مشايخه:

تتلمذ جدي في بداية شبابه على الشيخ عبد الكريم الكردي أحد علماء حلب، وكذلك على الشيخ طاهر منلا الكيالي، وعندما أصبح ضريرا كان يحمله على ظهره، وكان جدي يعشق العلم يذهب إلى أنطاكيا مشيا على الأقدام في الثلاثينيات لتلقي العلم من أحد أشياخه لم أذكر اسمه.

من أقرانه:

تزوج جدي من جدتي الحسينية آمنة بنت الشيخ محمد السبسبي، وممن كان من أقرانه بعض مشايخ الطريقة الرفاعية عدلاؤه الشيخ يوسف السبسبي، والشيخ علي السبسبي، والشيخ محمود الشقفة، والشيخ محمد الحامد، والشيخ محمد النبهان، والشيخ يحيى فاخوري، وصهره لابنته الشيخ مصطفى فاخوري إمام وخطيب جامع الكبير في دركوش، والد الشهيد عبدالرحمن فاخوري محقق كتاب الكبائر للذهبي.

نشاطه الدعوي

في بداية الأربعينيات انتدب خطيبًا وإمامًا للجامع الكبير في جسر الشغور وكان يخطب ضد الفرنساويين، وكان أهل الجسر يضعون عليه (لفّاحة) لكي لا يفسد عليه المخبرون..

أذكر أنَّه خاض معركة ضد الفرنسيين في الكنيسة المهجورة طلوع الجسر وكان في المعركة جدي الشيخ أحمد، وأبو محمد قاسم قاسمو، وخالي محمد زكي حاج قدور، وعم والدي مصطفى قاسمو أبو سياف.

وعندما تم أسر جندي تابع للفرنسين من بيت الددو وبدَّلوه بثوار من الشتا، فقد كان جدي - رحمه الله - هو المفاوض..

استمرَّ جدي في جامع الكبير أربع سنوات. وفي سنة 1947م انتدب لقرية اوشان اغي ودرس بها حوالي سنتين، ثم انتدب إلى ناحية بداما ووسَّع جامعها بتبرعات من مشايخ حلب، وكان عندما ينزل إلى اللاذقية يزور أحبابه فيقدموه على المنبر، وكان يلقب بالبَكَّاء..

وفي سنة 1980م تلاحق أحد أحفاده وهو أخي ضرار، وكانت الحكومة تضيق عليه، وانتدب لحلب لجامع حمزة أو الحموي في المشهد بقي يدرس فيه حتى سنة 1993م حيث توفاه الله.

صلته بالشيخ محمود الشقفة:

كان الشيخ محمود الشقفة لا تمر سنة دون أن يزوره، وفي سنة 1976م توجَّه الشيخ محمود إلى بداما لزيارة جدي فقالوا: إنه عند ابنته باللاذقية فتوجه إلى بيتنا وتشرفنا بزيارته وسلمنا على الشيخ وتلامذته، وقال الشيخ محمود لتلامذته: نحن جالسون مع من يحبنا وبعدها غادر إلى حماة.

وفي سنة 1979م طعن الشيخ على أحد المجرمين واستشهد وجاء الخبر إلى جدي كالصاعقة وكان كلما تذكر كلمات الشيخ نحن جالسون مع من يحبنا يبكي..

أحداث ومآثر:

وكل أهالي بداما يذكرون حريق البيدر حيث حرقت محاصيل البيدر وكادت الرياح أن تلتهم الجبال بنيرانها فتوجه جدي إلى المئذنة وبدأ الدعاء لإخماد الحريق بدلا عن الإطفائيات التي لم تعمل شيئا أمام هذا الحريق فخمدت نارها.

يروي لي أحد الأفاضل قال: كنت في أوج سلفيتي وفي أحد الأيام أرسلت رسالة نارية إلى الشيخ أحمد أتهجم عليه.. يقول وفي أحد الأيام كنت أصلي في جامع أبي الدرداء باللاذقية، وإذ بشيخ فاضل يعطي درسا لم أسمع بهذا الأسلوب والحضور الروحي والبكاء، وعندما انتهينا قلت لهم: من هذا الشيخ؟ قالوا: هذا الشيخ أحمد حاج قدور فتمنيت أن تبتلعني الأرض فقد فرَّطت بحقه.

وفاته:

قبل وفاته كنت في سجن تدمر رأيت في منامي أن جدي توفي والملائكة وقناديل من نور تحمل روحه وتهبط من السماء إلى دار المحافظ القديم وبعدها بيومين قالوا لي في منامي: جدك قلع أسنانه فوقع في نفسي أن جدي ارتحل إلى ربه.

قال عنه الشيخ د. أحمد عبد العال:

شيخنا الجليل أحمد حاج قدور هو تاج على رأسي ورأس كل أهل المنطقة، ومنذ أن تفتحت عيني على الحياة وأنا أسمع الناس يُعرِّفون الشيخ أحمد بالشيخ العالم.

ومع وجود كثيرين ممن تسموا بالشيوخ وقتئذ فقد عرف الشيخ أحمد بهذا اللقب الذي لم يتسم به غيره فهو الخطيب والمدرس والمربي والمحفظ لكتاب الله، والقائم على الإصلاح بين الناس في شؤونهم الخاصة والعامة وفضله عام على الجميع، وقد ترك أثرا وبصمة في المنطقة لا ينكرها أحد.

لقي رحمه الله مع الأسف مضايقة وأذى كثيرا من الحثالات الشيوعيين والبعثيين في منطقتنا وبقي صامدا وصابرا في أداء رسالته حتى أيامه الأخيرة في بداما.

ومع الأسف أنني كنت طفلا صغيرا لما عاصرته شيخا للمنطقة حيث درست المرحلة الابتدائية في بداما ثم تركتها إلى جسر الشغور فدرست المتوسطة ثم إلى اللاذقية لدراسة الثانوية ثم إلى السعودية عام ١٩٦٩ واستمرت إقامتي فيها ردحا من الزمن وأنا مغترب الى وقتنا هذا.

فلم يتسنَّ لي التتلمذ المنتظم عليه رحمه الله، ولكن أعرف من أجدادي ومن في سنهم انهم كانوا يعظمونه ويجلونه..

ولكن أقول ربما كثير من العامة لم يعرفوا له حق قدره وبالتالي لم تكن الاستفادة من علمه وفضله كما يجب أن تكون.. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن خدمته لأهل بداما وما حولها خير الجزاء وبارك في عقبه وجعل ما قدَّمه في ميزان حسناته وجعله من أهل الفردوس الأعلى من الجنة نعم المولى ونعم النصير..

قال عنه الأستاذ الأديب الشاعر: يحيى الحاج يحيى

نعم أعرف الشيخ أحمد رحمه الله. كنا نستضيفه في الجسر وهو من الدعاة الشعبيين الذي ينتفع بهم الناس. وكان رئيس جمعية البر في بداما، وكنا أعضاء في الجمعية في الجسر نلتقي به في اجتماعاتها السنوية. نفع الله به الكثيرين في الأرياف. متفهما لواقعهم ومشكلاتهم..

وأما حفيده فهو أستاذنا الشهيد عبد الرحمن فاخوري (كِدرش) وزوجته اخت الدكتور عبد القدوس أبو صالح..

هناك معلومات قديمة وردت لا أعلم عنها. ومعرفتي به تبدأ من السبعينيات. طيب السمعة. غزير الدمعة. عليه مظهر الصلاح..