أحداث سورية

 
 
 
د. محمود نديم نحاس
 
في جانب التعاطف الإنساني أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بقبول جميع الطلاب السوريين المقيمين على أراضي المملكة في مدارس التعليم العام، حيث شُكلت لجنة للمتابعة وتقديم التسهيلات للطلاب الذين حرموا من التعليم نتيجة الأزمة المتفاقمة التي تعيشها بلادهم منذ نحو 17 شهرا. وقد أشادت المواقع السورية بهذه اللفتة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين وتمنت أن يعقبها أمر مماثل يشمل الطلبة الجامعيين الذين لم يعد بإمكانهم العودة إلى جامعاتهم في وطنهم حيث تتعرض المدن والقرى السورية للقصف من الجو.
 
في الجانب الثوري تناقلت المواقع السورية قصة خنساء سوريا التي قُتل ثلاثة من أبنائها في الثورة السورية. فقد قُتل أكبرهم، وعمره 48 عاماً، ولديه ثمانية أولاد، قنصاً بطلقة في الرأس في إحدى المظاهرات التي خرجت تنادي بإنهاء الظلم والطغيان، وقُتل الثاني تحت التعذيب، وقد تعرفوا على جثته بصعوبة بالغة. وقُتل الثالث، وعمره 42 عاماً، ولديه ستة أولاد، في اشتباك بين الجيش الحر والقوات النظامية. وقد أدى مقتلهم إلى التحاق من يستطيع من أولادهم بالجيش الحر. ولم تسلم الخنساء نفسها من الأذى، فقد تم اقتحام منزلها وإطلاق النار عليها من قبل عناصر الأجهزة الأمنية مما أدى إلى إصابتها بثلاث طلقات لتسقط على الأرض وهي تنزف، فسارع الأهالي ونقلوها للمستشفى، لتسمع هناك عن مقتل أحد الشباب دون أن تعرف أنه ابنها. ولقد أسموها خنساء سوريا لأنها ذكّرتهم بالخنساء (تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية) التي استشهد أولادها الأربعة فقالت برباطة جأش وعزيمة وثقة: (الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم, وإني أسأل الله أن يجمعني معهم في مستقر رحمته)، في حين أنها قضت حياتها قبل إسلامها ترثي أخويها معاوية وصخراً. وخنساء سوريا لم تجزع لاستشهاد أولادها، بل بقيت متماسكة وقالت: كيف أحزن وأبنائي قتلوا على طريق الحرية والتحرير من نظام أذل الشعب واغتال الأرض والإنسان والحياة؟
 
في الجانب الطبي يروي مسؤول العلاقات الخارجية بلجنة الإغاثة الإنسانية التابعة لنقابة أطباء مصر، بعد زيارة عمل إلى سوريا ضمن فريق تابع لاتحاد الأطباء العرب، المعاناةَ التي يعيشها الشعب السوري، مؤكدا أن ما ينقله الإعلام أقل كثيرا من حقيقة الأوضاع على الأرض، حيث يعاني الكثيرون بسبب استخدام النظام السوري لأسلحة محرمة، كما إنه يلاحق المصابين من الثوار سواء في المستشفيات أو سيارات الإسعاف ليحول دون إنقاذهم، مما اضطر الأهالي لإنشاء مستشفيات ميدانية داخل شقق ليعالَج داخلها المصابون سرا في ظل إمكانات محدودة وغياب للأجهزة والمعدات الطبية، إضافة إلى نقص الدواء. وأضاف أن كثيرا من المصابين فقدوا أطرافهم. كما تحدث عن حالات اغتصاب، إضافة إلى حالات تعذيب تترك آثارا سلبية على الجانب النفسي للضحايا بالتوازي مع الجانب الصحي.
 
في جانب الهرب من الفظائع صرحت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بأن عدد اللاجئين السوريين الذين فروا إلى الخارج أكثر مما كان متوقعا. ووفقا للأرقام الرسمية فقد بلغ عددهم 214 ألف لاجئ في الدول الأربع المجاورة، هذا إضافة إلى اللاجئين في الداخل السوري. وتتفاوت مستويات الرعاية والخدمات المقدمة لهم من مخيم إلى آخر، لكنهم في العموم يعانون. ولا يمكن توقع المشكلات التي سيعانون منها عندما يحل الشتاء.
 
وأخيراً في الجانب الحياتي، فمن وسط المعارك في مدينة حلب حيث تنتشر رائحة الموت في كل مكان أراد السوريون أن يبينوا للعالم أنهم شعب حي مسالم يريد الحياة وأنهم ما حملوا السلاح إلا للدفاع عن كرامتهم. وهكذا وفي أحد المواقع التابعة لإحدى كتائب الجيش الحر تم إعلان زفاف قناص الكتيبة على الممرضة التي تعالج الثوار. أما لباس الزفاف فهو لباس التمريض الأبيض. وذكرت الممرضة نفسها أن أخاها سبقها في الشهادة، وقد عوضها الله بمجاهد يتزوجها، وأنها وزوجها يأملان بحياة سعيدة لجميع السوريين، وأنها ستتابع معالجة الجرحى. أما أهازيج الفرحة فكانت من وحي الأحداث.
المصدر : موقع جريدة الاقتصادية الألكترونية