الغائب المنتظر هاذم اللذات (صيحة المقابر بأهل التكاثر)

 

التعريف بالكتاب: 

 

ما أخطر الغفلة عَلى الإنسان! وما أضرّهَا على دينه وعقيدته، وآخرته ومصيره! وأنفاسه في هذه الحياة معدودة، والأمل يخدعه، والأجل يرقبُه، والقبرُ ينتظرُه، وهو يلهو ويلعبُ، ويعصي ربَّه، ويظلم نفسَه، وغير ذلك له أجدى، وبه أولى..

 

يدفن أقرب الناس إليه، فيحزن على فراقه ساعات أو أيّاماً، ثمّ يعود إلى عبثه ولهوه، ولا يحزن على نفسه أنّ هذا مصيره.. وأنّه عمّا قَريب سيُشيّع إلى مثواه، ويدخلُ القبر ليس معه سوى ما قدّم من عمل.!

 

نُح على نفسِك يا مِسكينُ إن كُنتَ تنوحُ    لتَمُوتَنّ وإن عُمّرتَ ما عُمّر نُوحُ

 

ورُبّما دخل المقبرة ساهياً لاهياً، ذكر الدنيا لا يفارِق لسانه، وهمّها يُسكر وجدانه، ما كان له أن يدخُلَها لولا حقّ قريبه الذي يُشيّعه..

 

فإلى متى.؟! أيّ غفلة عن الموت أعظم من هذه الغفلة.؟!

 

لقد كتب لنا الصالحون من السلف مواعظ الموت بأحوالهم وأعمالهم، وصدقهم وإخلاصهم، واجتهادهم وجدّهم، ونصحهم وإشفاقهم.. فهل من معتبر.؟!

 

ولا نريد أن تكون هذه المواعظ دمعة جزعٍ لا ينفع، أو دمعة عينٍ باردة، سرعان ما تجفّ، ويجفّ معها كلّ خير، وتعود النفس إلى غفلتها ولهوها، وقسوتها ومعاصيها.. إنّما نريدها عملاً مثمراً، وتحوّلاً بنّاءً، يجعل المؤمن يتّخذ إلى ربّه سبيلاً، ويريد الآخرة، ويسعى لها سعيها، ولا يبرح ذكر الموت فكره، لأنّه يوقن أنّه قد يأتيه في أيّ ساعةٍ من ليل أو نهار..

 

وبعد؛ فهذه موعظة عاجلة، ورسائل موجزة بيّنة عن الحقّ الذي يكره ذكره أكثر الناس، ولابدّ لهم من ورود حياضه، وتجرّع مرارة كأسه، ولو نجا منه أحد لكان أحقّ الناس بذلك أنبياء الله ورسله.

 

وقد جمعت فيها بعض ما وصل إليّ من أخبار وفاة بعض الناس، ممّا فيه عظة للأحياء وعبرة، وذكرى لنفسي ولمن ضربت على قلوبهم سنة الغفلة.

 

والله تعالى أسأل، وبأسمائه الحسنى وصفاته العلى أتوسّل أن يجعل الموت خيرَ غائب ننتظره، وما بعده خيراً لنا منه، ويقبل بقلوبنا إليه، ويجعل اعتمادنا عليه، ويجعَل خَيرَ عُمُرنا آخِرَه، وخَيرَ عَمَلِنا خَواتمَه، وأن يحبّبَ إلينا لقاءه، ويجعلَ خَيرَ أيّامِنا يَومَ نلقَاه وهو رَاضٍ عَنّا، وأن ينفع بهذه الرسالة عباده، ويجعلها من خير الأجر والذخر.

وكتبه عبد المجيد البيانوني

جدّة في 27/2/1426 هـ 

للاطلاع على الكتاب هـــنا