حول الحاكمية والحكم

 

(مقتبس من كتابه: "البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي")

 

تمهيد: 

كانت البدايات الأولى لنهضة الفكر الإسلامي المعاصر، قائمة ـ في الغالب ـ على رفض كل ما هو غربي من النظم، والفلسفات، والرؤى، سواء في المجال السياسي، أو التشريعي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي. وكان الدخول إلى البرلمان، والعمل النقابي، أو المشاركة السياسية في إطار هذا الحزب أو ذاك؛ يثير جدلا (فقهيا) في الأوساط الإسلامية. ولم يكن الإشكال الشرعي وحده هو العامل الأساس في إثارة هذه القضايا؛ بقدر ما كانت (نفسية) الرفض المتأثرة بالسلوك الديني إزاء الأوضاع القائمة، وهيمنة الظلم الإداري الرسمي بشتى أصنافه السياسية والاجتماعية؛ هي المشكلة لتلك النفسيات الرافضة.

 

ولقد كان المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ أبو الأعلى المودودي رحمه الله؛ من أوائل الإسلاميين المجددين، الذين صاغوا نظرية متكاملة في الرفض الإسلامي. فقد بنى مشروعه الفكري على مفهوم (الجاهلية) بدلالته الجديدة عنده، المتفلتة من الحصر التاريخي، والممتدة في المظاهر الاجتماعية العامة، الممكن توفرها في أي مكان وأي زمان. ومن هنا فقد كان فكره السياسي مؤطرا بهذه الرؤية؛ إذ أنتج مصطلح (الحاكمية) كعلة للقياس، لتصنيف النظم في المجال السياسي والتشريعي.

تحميل الملف