بحث: الجيش والديموقراطية

 

التعريف بالبحث: 

الحكام المتغلبون -الذين كانوا يستولون على الحكم قديما- كانوا عادةً ما ينبثقون من بين الشخصيات ذات الشعبيَّة والمكانة والزعامة في الأمَّة، ومن ذوي النخوة والشهامة والنجدة، ومن ذوي المؤهِّلات القياديَّة والقدرات التأسيسيَّة، فكان هذا مما يسهل نجاحهم ويغري الفقهاء والوجهاء بمبايعتهم والتعاون معهم أمَّا الانقلابيون العسكريون في هذا العصر فينبتون في الظلام والتكتم، ويتسلَّقون بمكر وخِداع، ومؤهلاتهم الأساسية هي:

- الرتبة العسكرية والمنصب العسكري.

- القابلية للخيانة والغدر.

- القدرة على المناورة والمغامرة.

-الحزبية.

-القدرة على قيادة الشعوب بالقوَّة.

فلذلك لا يمكن أن يكون استيلاؤهم على الحكم سوى سلسلة من الجرائم والكوارث والنكبات، "والعرب بالباب كما يقال". أضف إلى هذا أنَّ الجنود والضباط اليوم في دول الاستبداد والاستبلاد قد أصبحوا يُنشَّأون على فلسفة الغباء والطاعة العمياء، يقتلون ولا يعرفون من يقتلون، ولا لماذا يقتلون، ولا لفائدة مَن يقتلون!.

منذ حوالي ثمانين سنة تفطَّن العلامة السيد رشيد رضا لهذه الحقيقة المرَّة، فكتب في تفسيره يقول: "ولكنَّ الحكام في هذا الزمان مؤيدون بقوة الجند الذين تربيهم الحكومة على الطاعة العمياء، حتى لو أمرتهم أن يَهْدِموا المساجد، ويقتلوا أولي الأمر الموثوق بهم عند أمَّتهم لفعلوا، فلا يشعر الحاكم بالحاجة إلى أولي الأمر إلا لإفسادهم وإفساد الناس بهم، ولا يريدون أن يقرب إليه منهم إلا المتملق المداهن..

على أنَّ من أخبث الحيل التي بدأ بعض الانقلابيين يتبعونها هروباً من تطورات العصر واستحقاقاته أنَّهم بعد تنفيذ انقلابهم واستيلائهم على الحكم، وبعد إحكام قبضتهم على الدولة والمجتمع يَعْمِدون إلى إعداد طبخة ديمقراطية انتخابية، لكسب رداء الشرعية، فإذا بالزعيم الانقلابي يصبح مُنتخبا شرعياً رئيساً! وهذا من غريب المفارقات في زماننا.

تحميل الملف