د. محمد فوزي فيض الله

ببالغ الحزن والرضى بقضاء الله تلقيت اليوم نبأ وفاة شيخنا المعمر الفقيه الأصولي الشيخ الدكتور فوزي فيض الله رحمه الله

وهذه ترجمة شيخنا كما سطرتها في كتابي علماء من حلب في القرن الرابع عشر

الدكتور الشيخ محمد فوزي فيض الله الحلبي الحنفي.

عالم عامل، فقيه حنفي، أصولي، نحوي، لغوي، أستاذ الفقه الإسلامي ومذاهبه وأصوله في جامعتي دمشق والكويت.

ولد الشيخ محمد فوزي في حي عريق من أحياء مدينة حلب، (حيّ البياضة) سنة: ثمان وثلاثين وثلاثمئة وألف للهجرة، وتلقى تعليمه الأوَّلي في كتاب الشيخ أحمد التادفي، حيث أتقن قراءة القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، ثمّ انتسب إلى مدرسة (الفيوضات) الابتدائية، وتخرج بها عام 1935 م، انتسب بعدها إلى المدرسة (الخسروية) - الثانوية الشرعية الآن - وفيها تلقى مختلف العلوم الشرعية والعربية على شيوخها وأساتذتها الأجلاء، الذين كان لهم الأثر الجلي في تكوينه العلمي، وما يزال الشيخ المترجم له يذكرهم بكلّ إجلال وحبّ واحترام، فقد تلقى علوم القرآن الكريم تلاوةً وتجويداً ومبادئ علم القراءات، وحفظ بعض أجزاء من القرآن الكريم على شيخه العلامة المقرئ الشيخ عمر مسعود الحريري، ودرس علم التفسير على شيخه محمد زين العابدين الأنطاكي، وأخذ علم الحديث الشريف ومصطلحه والسيرة النبوية على شيخه المحدث المؤرخ العلامة الشيخ محمد راغب الطباخ، وقرأ الفقه الحنفي فروعه وأصوله على شيوخه الفقهاء الشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ أحمد الكردي، والشيخ محمد الرشيد، والشيخ محمد السلقيني، والشيخ محمد اللبابيدي، وأخذ علوم التوحيد والمنطق والفلسفة على شيخه الشيخ فيض الله الأيوبي، كما تلقى علم التربية والأخلاق على شيخه المربي الشيخ عيسى البيانوني، أما علوم اللغة العربية نحوها وصرفها وبلاغتها، فقد تلقاها على أئمتها في حلب وقتئذ، أمثال الشيخ محمد الناشد (الزمخشري الصغير) والشيخ أسعد العبجي مفتي الشافعية بحلب، كما حصل الشيخ في هذه المدرسة بعض العلوم الكونية كالرياضيات والفيزياء والعلوم العامة والجغرافيا، وكان الشيخ محمد فوزي في هذه المدرسة مثال طالب العلم المجد، ينتقل فيها من صفّ إلى صفّ بتفوق تام، حتى تخرج فيها حائزاً على الدرجة الأولى بين رفاقه المتخرجين معه، سنة 1361 هـ - 1942 م.

لم يكتف الشيخ المترجم بما حصله من العلوم الجليلة في المدرسة (الخسروية)، ودفعه حبه للعلم وشغفه بطلبه إلى أن يشدّ الرحال إلى القاهرة، لينتسب إلى كلية الشريعة في جامعة الأزهر، وهناك التقى كوكبة من شيوخه الكبار، أمثال الشيخ عبد السميع إمام، والشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، والشيخ محمود خليفة، والشيخ محمد عفيفي عثمان، والشيخ محمود شلتوت، والشيخ محمد محمد الموني، والشيخ محمد سيمون، والشيخ عبدالعزيزالمراغي، والشيخ حسن مأمون، وتخرج بها عام 1947م، حاصلاً منها على شهادة، (الليسانس)، وكان الأول في دفعته، فحاز على جائزة الملك فاروق، وكانت خمسين جنيهاً مصرياً، تسلمها الشيخ في حفل كبير أقيم بهذه المناسبة، وكان هذا المبلغ كبيراً بحيث استطاع أن يشتري به معظم كتبه التي اقتناها في حياته، وتابع الشيخ المترجم دراسته في الأزهر بكل جدّ واجتهاد حتى أحرز درجته (العالمية) مع إجازة في القضاء الشرعي، وذلك عام 1949م.

ثمّ دفعه حبه للّغة العربية إلى الانتساب إلى كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة فؤاد الأول، وتخرج بها عام 1953م، ثمّ حصل من هذه الكلية على درجة (الماجستير) في اللغة العربية ولهجاتها عام 1956م، ثمّ سجل رسالة لنيل درجة الدكتوراه بعنوان (قراءة الكسائي وصلتها باللهجات العربية)، لكنه لم يتمها، وعاد إلى موطنه وعمل معيداً في كلية الشريعة بجامعة دمشق، التي أوفدته عام 1958م، إلى كلية الشريعة في جامعة الأزهر، ليحصل منها على درجة (الماجستير) في الفقه الإسلامي عام 1960م، ثمّ (الدكتوراه) في الفقه أيضاً عام 1963م.

بعد هذا التحصيل الجمّ للعلوم الشرعية والعربية، تفرغ الشيخ لنشر العلم وإفادة الطلاب، حيث تولى عدداً من المناصب العلمية فكان:

1- مدرساً لمادة الفقه الإسلامي وأصوله في كلية الشريعة في جامعة دمشق، من عام 1963 م إلى عام 1969 م.

2- مدرساً معاراً إلى كلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود في المملكة العربية السعودية حتى عام 1973 م.

3- مدرساً للفقه وأصوله والنحو والصرف في كلية الشريعة في جامعة دمشق حتى عام: 1979 م.

4- مدرساً للفقه وأصوله في جامعة الكويت من عام: 1980 إلى عام 2000 م.

ومن المناصب العلمية والإدارية التي تولاها الشيخ المترجم له:

1- وكيل كلية الشريعة في جامعة دمشق.

2- رئس قسم الفقه الإسلامي وأصوله في كلية الشريعة بجامعة دمشق.

3- رئس قسم الفقه والأصول في كلية الشريعة بجامعة الكويت.

4- عضو هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في الكويت.

ومع انشغال الشيخ المترجم له بنشر العلم والتدريس وإفادة الطلبة، فقد حرص على تأليف الكتب العلمية النافعة والمعينة لطلابه ونشر الأبحاث القيمة في علوم الفقه والأصول خاصة، فمن الكتب التي ألفها المترجم:

1- الإلمام بأصول الأحكام.

2- الأنباري من خلال كتاب الإنصاف.

3- التعريف بالفقه الإسلامي.

4- الاجتهاد في الشريعة الإسلامية.

5- الزواج وموجباته في الشريعة الإسلامية. 

6- صلة علم الأصول باللغة العربية.

7- الطلاق ومذاهبه في الفقه الإسلامي.

8- نظرية الضمان في الفقه الإسلامي العام.

9- المذاهب الفقهية.

ومن الأبحاث التي نشرها الشيخ المترجم:

1- الفقه الضائع (مجلة الحقوق).

2- وكذلك جعلناكم أمة وسطاً (مجلة الشريف الكويتية).

رحمه الله تعالى وأجزل ثوابه 

المصادر والمراجع

1- بعض كتب المترجم ومؤلفاته. 

2- كلمة المترجم في حفل التكريم الذي أقيم له في الندوة العلمية (جهود علماء حلب في العلوم الإسلامية) التي أقامتها كلية الشريعة في جامعة حلب في 11/2/2007م، ضمن احتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية.

3- كلمة الدكتور نور الدين عتر في ندوة جهود علماء حلب في العلوم الإسلامية.

4- مقابلة شفهية مع المترجم جرت في المدرسة الخسروية لدى زيارته للمدرسة ولقائه بطلابها صيف عام 2010م.

5- مقابلة شفهية مع شيخنا الدكتور نور الدين عتر جرت في منزله صيف عام 2009م.

6- مقابلة شفهية مع نجل المترجم الأستاذ عبد القادر.

7- مقابلات ومشافهات متعددة مع كثير من تلاميذ الشيخ المترجم.