آخر كلمات الأمين العام لرابطة العلماء السوريين

 

أغمي على الشيخ محمد ياسر المسدي، عضو أمناء المجلس السوري الإسلامي، أثناء رده على إحدى المداخلات المتعددة التي أعقبت الندوة، وسأل أحد المتداخلين: إلى متى ننتظر والمشهد يتغير أمامنا بسرعة كبيرة والفاعل معروف؟

 

وتعددت الردود على السؤال حتى جاء دور الشيخ المسدي في التعقيب فقال: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، مشيرا إلى أن العلماء بذلوا ما يستطيعون فكتبوا وقدموا المحاضرات، وتوصلوا مع كافة الجهات الداعمة للثورة، وأقاموا المؤتمرات، مستدلا بمؤتمر إنقاذ الأمة الأخير الذي حظي بتغطية من الإعلام، إذ تمت الكتابة حوله وعرض في الفضائيات. وقال المسدي إنهم أصدروا كتابا بعنوان "الشيعة الروافض خطر داهم" وغيره من الكتب، مضيفا أن سيدنا عثمان رضي الله عنه قال: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

 

وذكر أنه قرأ مقالا قبل 27 سنة تقريبا بعنوان تصدير الثورة موضحا أن المقال يشرح الكيفية التي دخلت بها إيران العالم العربي. وأضاف أنهم اليوم في وضع معقد إذ لا يجدون أموالا كافية لإطعام الناس، أو لتقديم العلاج أو خدمة التعليم، مؤكدا أنهم يبذلون جهدهم وربنا سبحانه وتعالى يعذر من يبذل كامل جهده، وقال: "نعدُّ مقصرين إذ لم نبذل جهدنا"، مطالبا بعدم تحميل العلماء أكثر مما يطيقون.

وذكر المسدي أن العلماء في الداخل السوري يقومون بجهد كبير، وكذلك المجموعة التي تتحرك في الخارج، مشيرا لعقدهم 64 لقاء خلال سنتين وبعض هذه اللقاءات متقاربة جدا، موضحا أن اللقاءات تستمر لساعات طويلة.

 

صدمة الوفاة

 

وقال المسدي : إن المجلس الإسلامي يتابع القضايا ويواصل منسوبيه العمل ليل نهار، مشيرا إلى أن قوله هذا تبرير للتقصير، فمهما قدمنا أمام هذه الدماء وهذه التضحيات فنحن مقصرون.

 

وقال ربما تأخر الكثير منا للالتحاق بالثورة أي لم يكن في الثورة منذ اليوم الأول.

 

وعند هذه الكلمات بدا صوت الشيخ المسدي يخفت تدريجيا حتى أغمي عليه وحمله الإسعاف لمؤسسة حمد الطبية ليلاقي ربه بعد ساعات قليلة وهو يعمل من أجل دولته ولخير شعبها بكل صدق وصلابة.

 

وقصة الشيخ المسدي وهو من علماء منطقة حمص تعتبر كتابا حيا لصدق المناضلين الذين خرجوا من أجل قضية شعبهم ينشدون الحرية غير متهيبين ركوب الصعاب.

 

وعندما كان أحد أعضاء المجلس السوري الإسلامي يقدم تقريره عن عدد شهداء المجلس الإسلامي في ختام الندوة ذكر أن عددهم 96 شهيدا لم يكن يعلم أن الرقم سيتغير في ظرف دقائق معدودة ليصبح الشهيد المسدي حاملا للرقم 97.

 

ولم يركن المسدي للراحة رغم كبر سنه، ومضى يواصل الليل بالنهار من أجل نصرة قضيته وأبناء شعبه الذين حمل همهم في السكن والتعليم والكساء والدواء، كما أوضحت كلماته الأخيرة، لم يتحمل جسده كل هذا الإجهاد فدهمته نوبة قلبية وهو ينافح بالكلمة الصادقة، رحمه الله رحمة واسعة.