أستاذي العلامة المفسر الشيخ أبو الخير زين العابدين

من كبار علماء حلب ومفسريها ، 

وهو مهاجر من اللواء ، هاجر من تركيا لما اشتدت ضغوط الكماليين على المسلمين ، كان الشيخ وسعيد النورسي من الذين وقفوا سدا منيعا أمام الفكر الطوراني وفي وجه دعاة التغريب .

 

الكماليون ودعاتهم هم الذين أسقطوا السلطان عبد الحميد وهو الحر الصامد في وجه الصهيونية واسألوا أهل فلسطين عن عظمة السلطان عبد الحميد كان معاديا للغرب مواليا لله ورسوله ، وقد تعرض لعدة محاولات اغتيال من قبل الأرمن فهجرهم إلى سوريا وأكرمنا وفادتهم وسكنوا في حارة الأرمن في الباب ولهم كنيسة وراء جامع عجان الحديد.

 

ولد شيخنا أبو الخير زين العابدين الجاهر بالحق في انطاكيا في الاسكندرون سنة ١٩١٦، فهو الأنطاكي الكردي الحلبي ، وقدم هو واخوه عبد الرحمن من اللواء إلى حلب سنة ٣٨ ، وعمل مدرسا لمادة العقيدة الإسلامية والتفسير ، فكان أحب إنسان إلى قلوب طلاب العلم .

 

تخرج على يديه كثير من طلاب المدرسة الشعبانية والخسروية ،

وأنا أحدهم والشيخ محمود ميرة ومحمد فاروق البطل وعبد الغني المارعي ومحمود الفجال ومصطفى مسلم و...

 

كان خطيبا في جامع الشعبانية تستغرق خطبته ساعة كاملة ، ثم نقل إلى جامع السبيل فاهتدى على يديه الكثير من الطلاب الحيارى.

 

عام ٤٩ / ٥٠ جرت انتخابات برلمانية لوضع دستور للبلاد فكان له درو بارز في توحيد كلمة العلماء ونزلوا إلى الشوارع لكي يتضمن الدستور على أن دين الدولة الاسلام ، وأن الإسلام دين رئيس الدولة.

 

في خطبه بجامع السبيل قرب مشفى الرازي بحلب هاجم بقوة حكم الطائفة وقال بصراحة: نحن يحكمنا النصارى والنصيرية قالها بصراحة أيام عز حكم الطائفة فأرسلوا له من صدمه بموتور ثم دهس بسيارة في شارع الخندق بحلب ، ورماه على الأرض وكسرت رجله وأصيب بارتجاج ونزيف داخلي  بهذه الدهسة المقصودة ،

لأنه  فضح العمل في الخفاء لجند الشيطان انطلاقا من الكلية العسكرية في حمص ، 

إن فرنسا جلت عن بلادنا لكن لها أبناء في مدارس الفرنسيسكان ، 

وكان شيخنا يهتم بمشكلات الامة وقضايا .

 

شيخنا وأستاذنا كان ينظر بنور الله ، عمامته صغيرة جدا وصفراء وكأنها عمامة تاجر مكي ، جميل الصورة ، أبيض البشرة ، معتدل القامة ، عفيف النفس ، زاهد في متاع الدنيا تعرض عليه الأموال فيرفضها ، وكان ذا هيبة ووقار..

 

طلب مدير أوقاف حلب ،  هوية الشيخ فرفض قائلا يريدون أن يشتروني بهذه الوظيفة ، ولم تجف الدماء على سجاد المسجد الأموي بدمشق  ، لما ترك الخطبة في جامع السبيل كان يحضرها عند الشيخ المجاهد الشهيد موفق سيرجية رحمه الله وأسكنه فسيح الجنات .

 

أخذه الموساد السوري وأوقف لديهم، وأطلق سراحه في اليوم التالي ، بعد أيام زاره محافظ حلب السعداوي ومعه مدير الأوقاف والشيخ الشامي وقدموا اعتذارهم ، وفصلته الدولة من الخسروية فآضرب طلابها خمسة عشر يوما وكان مديرها محمد الحكيم مفتي حلب حتى أعيد الى التدريس ، رحمه الله ، ولم نقل تركي بل قلنا : 

أبي الاسلام لا ابا لي سواه    

            اذا افتخروا بقيس او تميم

 

استاذنا وشيخنا كان مدرسا لمادة العقيدة الإسلامية ، والعقيدة آساس الإسلام ، لما سأل جبريل عليه السلام نبينا المصطفى صلوات الله عليه ماالاسلام ؟ ماالايمان ؟ وأجابه الرسول الكريم عليه السلام ، ثم سأله ماالإحسان ؟؟

قال عليه السلام: ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك . 

لما زار الاديب الكبير الشيخ علي الطنطاوي الشيخ محمد النبهان قال عنه : إحسان يتحرك على الأرض..

 

حيا الله أستاذنا أبو الخير زين العابدين فقد كان يجمع بين العلم والعمل أعرته مجلة الرسالة التي فيها مقالات الشيخ محمود محمد شاكر التي كانت بعنوان : لا تسبوا أصحابي ، فأعجب بها ..

 

رحمك الله أستاذنا العظيم أبو الخير ، تركي الأصل ، إسلامي الهوى ، صافي العقيدة ، رحمك الله أيها التركي المسلم العلامة المفسر ، لم تكن تركيا بمعناها التركي ، تركت الوطن تركيا وسكنت حلب ومت وأنت تحمل علم الله أكبر ولله الحمد ،

 

اللهم اجزه عن الإحسان إحسانا وعن الإساءة عفوا وغفرانا ، اللهم ارحمه تحت الأرض واستره يوم العرض ، اللهم أسكنه فسيح الجنان واغفر له يارحمن ، وارحمه يارحيم.

 

قولوا جميعا ( ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ) 

كونوا جميعا فوق التراب شعاركم العقيدة أولا

 

والله أكبر والعاقبة للمتقين