حياة الشيخ مكي الكبيسي في سطور

فضيلة المحدث الداعية  الشيخ الدكتور: مكي حسين حمدان الشامي الكبيسي...

ولد في مدينة كبيسة غرب الأنبار، عام: 1954م، 1374هـ، في بيت علم وفضل فإخوانه جلهم من العلماء والخطباء...

تلقى العلم على يد شيوخ مدينته، ثم انتقل إلى مدينة الفلوجة وأخذ العلم عن كبار مشايخها ودرس في المدرسة الآصفية الدينية (مدرسة الشيخ عبد العزيز سالم السامرائي) ...

ثم أكمل دراسته الأكادمية فنال البكالريوس والماجستير والدكتوراه من جامعة بغداد كلية الشريعة، وكان اختصاصه في الحديث النبوي الشريف...

حصل على إجازات علمية (في العلوم العقلية والنقلية) من طلاب الشيخ عبد العزيز سالم السامرائي ومن أبرزهم فضيلة العلامة الشيخ عبد الملك السعدي...

كما حصل على إجازة عامة في الحديث وعلومه من مسند العراق الشيخ المحدث صبحي السامرائي...

وغيرهما من داخل العراق وخارجه لا سيما من خلال رحلاته العلمية إلى سوريا والأردن ومكة والمدينة وغيرها...

عمل إماماً وخطيباً وداعياً إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن أبرز المساجد التي تولى فيها الإمامة والخطابة والتدريس: مسجد الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ومسجد الشيخ عبد العزيز السامرائي (رحمه الله) في الفلوجة...

كما عيّن لسنوات أستاذاً للحديث النبوي في كلية الإمام الأعظم الجامعة في بغداد، ثم معاون العميد لشؤون الدراسات العليا وأستاذاً للحديث وعلومه في الدراسات العليا، ثم عين عميداً في نفس الكلية ولكافة فروعها في المحافظات، وبعد سنتين طلب الاستقالة والاحالة إلى التقاعد...

تعرض لمحاولة اغتيال عندما وضعت له عبوة في سيارته التي كان يستقلها مع أولاده وهو عائد من صلاة الجمعة في مدينة كبيسه، فنجاه الله...

كما تم تفجير منزله في مدينة كبيسة من قبل عصابات داعش بعد دخولهم مدينة كبيسه...

أقام بعد أن أحيل إلى التقاعد في في إقليم كردستان (شمال العراق)، وتوقف عن نشاطاته العلمية والدعوية لفترة، إلى أن شارك المجمع الفقهي لكبار علماء العراق للدعوة والإفتاء نشاطاته العلمية والدعوية من خلال الندوات والمحاضرات وجمع التبرعات للمهجرين والنازحين (وخاصة في إقليم كردستان)...

عرف رحمه الله بهمته العالية والجد في الطلب منذ شبابه، والنشاط في المجالين الدعوي والعلمي، وكان بيته في الفلوجة مفتوحاً لطلاب العلم والمستفتين من الناس، وكان يصرف جل وقته في خدمة طلاب العلم من خلال توجيههم والإشراف على رسائلهم والإجابة على استشاراتهم وأسئلتهم...

وكان أكثر اهتمامه في مجال تخصصه (وهو علم الحديث) مع مساهماته الكبيرة في باقي العلوم الشرعية، كما يعد من شعراء العراق المعاصرين...

من شدَّة حبه للعلم الشرعي استطاع أن يجعل جميع أولاده يسلكون نهجه في مجال العلم والدعوة...

وقد أشرف وناقش الكثير من الرسائل العلمية، وله مؤلفات منها:

1_ الإمام شعبة بن الحجاج ومكانته عند علماء الجرح والتعديل (رسالة ماجستير)...

2_ أساليب المبتدعة في الطعن بالسنة (رسالة دكتوراه)...

أصيب اخيراً بعجز في القلب وانسداد في شرايينه، فتدهورت حالته الصحية، فأدخل على إثر ذلك إلى احدى المستشفيات في أربيل، وتوفي بعد شهر تقريباً، في يوم الجمعة:  9/ذي القعدة/1437هـ الموافق12/8/2016...

قبل وفاته جاء رجل بسيط أراد مقابلة الشيخ في المستشفى، فاعتُذِر منه لصعوبة الحالة الصحيحة، فأصر على الزيارة فأذن له بعد إلحاح شديد!

فقال له: قد رأيت في المنام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدخل هذه المستشفى، ثم يدخل غرفتك، ويأخذ بيدك ويخرجك من المستشفى!

استبشر الحاضرون خيراً وقالوا: فيها دلالة على شفائك...

وقال الشيخ مؤولاً الرؤيا: بل هي دنو منيتي ورحيلي من هذه الدنيا مع رفقة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته...

ثم تمثل قول سيدنا بلال (رضي الله عنه):

غداً ألقى الأحبة ... محمداً وصحبه

نقل جثمانه إلى أحد مساجد أربيل وصلى عليه جمع غفير من العلماء والمسلمين، ودفن في إحدى مقابر أربيل...

رحمه الله وجعل الجنة داره ومثواه...

كتب صديقه الدكتور عبد الحكيم الأنيس :  رحيل عالم:

 

رحل هذه الليلة في مدينة إربيل في شمال العراق: 

العالم الجليل، والصديق النبيل، الأديب الأريب، الصالح الفالح، المهاجر الصابر،

 الأستاذ الشيخ مكي بن حسين الكبيسي الفلوجي.

رحمه الله رحمة واسعة.

 وجزاه عن دينه خير ما جزى عالما عاملا.

كان الشيخ من أهل الحديث، وله آثار قيمة، منها:

الإمام شعبة بن الحجاج ومكانته بين علماء الجرح والتعديل(وهي رسالة ماجستير).

-أساليب المبتدعة في الطعن بالسنة (وهي رسالة دكتوراه).

*

ولا أجد ما أقوله الآن فيه إلا أن أستعير أبياتا من قصيدة له قالها عام 1973م في رثاء الشيخ الكبير عبدالعزيز بن سالم السامرائي:

 

ياأيها الشيخ إن العين دامعة

    والقلب منذ رحلتم جد ملتاع

إني أصبر نفسي حين أذكركم

      والصبر ليس بمنقاد وطواع

لكن آثارك العظمى تعللني

   بعض التعلل في حسن وإبداع

جزاك ربك بالحسنى فأنت لها

     أهل، وما الله للحسنى بمناع

 

ونعاه تلميذه الدكتور سعد الكبيسي  بقصيدة عنوانها: صمتك المسموع

 

مهداة لروح شيخنا مكي حسين الكبيسي - رحمه الله -

 

أبكيك أم أبكي نحيب ربوعي

هل يا ترى ترضى الغداة صنيعي ؟!

 

تلك الديار عزفت في محرابها

لحن الثبات بحرقة وخشوع

 

قد أملت أنس اللقاء لأنها

طمعت بيوم رجوعكم ورجوعي

 

قد زدتني وجعا على وجعي أما

قد أخبروك بقلبي الموجوع!!!

 

حملوك إجلالا على أكتافهم

وبقيت أحمل غربتي ودموعي

 

وحرمتني رؤياك بعدك من ترى؟

يلقي المهابة حانيا في روعي

 

تحت الثرى قد أسكنوك وغادروا

لكن سيبقى الحب تحت ضلوعي

 

كم غردت تلك الشفاه وعلمت

سند الحديث بمتنه المرفوع

 

قد غبت بدرا في السماء منورا

حسدتك فيه أهلتي ونجوعي

 

وبذلت للإسلام كل نفيسة

وسموت في خلق أشم رفيع

 

قد كنت أستجدي ابتسامتك التي

تحيي النفوس بصمتها المسموع

 

إني لأشهد قد رأيتك شامخا

في عالم الترويض والتركيع

 

ما هبت يوما ظالما متجبرا

أو كنت تخشى من أذى التجويع

 

عهدا سنجعل حزننا جسرا الى

جيل على خطو الأباة منيع

 

أدعو لك الرحمن أرحم راحم

في صحوتي أو في لذيذ هجوعي

 

يجزيك عني الله أكرم منزل

ولقد تركت خريفنا لربيع

 

بعدت منازلنا وطال غيابنا

بالحرف فاقبل شيخنا توديعي