السهو عن الصلاة والسهو في الصلاة

نص الاستشارة :

ما تفسير هذه الآية: [فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ] {الماعون:4-5}.

 

الاجابة

 

 

هناك فرق بين السهو عن الصلاة والسهو فيها، فالويل والعذاب الشديد هو لمن سها عن الصلاة.

والسهو عنها يفسر بأمرين:

الأول الأمر: الانشغال بالدنيا حتى يخرج وقت الصلاة، وذلك لعدم الاهتمام بها، كأن يترك بعضها، أو يخرج بعضها الآخر عن وقته ويصليها قضاء.

والأمر الثاني: السهو عن معنى الصلاة وحكمتها فهو يؤديها أداء شكلياً ظاهرياً يُرائي بها الناس ليقولوا إنَّه من المصلين، مع أنه لو طلبت منه معونة لمنعها، وذلك دليل على أنه لم يتأثر بالصلاة التي يصليها ليعرف حقَّ الله الواجب عليه، وحق المجتمع الذي يَعيش فيه؛ فالصلاة المقبولة هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتدعو إلى التواضع والرحمة والتعاون.

وقد جاء في الحديث الذي رواه البزار: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنِّي لا أَتَقَبَّلُ الصَّلاةَ إلاَّ مِمَّنْ تَوَاضَعَ بِهَا لِعَظَمَتِي وَلَمْ يَسْتَطِلْ عَلَى خَلْقِي وَلَمْ يَبِتْ مُصِرًّا عَلَى مَعْصِيَتِي وَقَطَعَ نَهَارَهُ فِي ذِكْرِي وَرَحِمَ الْمِسْكِينَ، وَابن السَّبِيلِ وَالأَرْمَلَةَ وَرَحِمَ الْمُصَابَ) (1).

أما السهو في الصلاة فهو شرود الذهن والانشغال في أثنائها عن الإحساس بالموقف بين يدي الله تعالى، وقد يخرج من صلاته ما يدري كم صلى، وذلك أمر يَعْرِض لكثير من الناس، ويُقَلِّل من ثواب الصلاة، وقد صحَّ في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، أنَّ الشيطان يُدبر حين يسمع الأذان والإقامة، فإذا دخل المصلي في الصلاة خطر بينه وبين نفسه يذكره بما لم يذكره من قبل حتى يخرج من صلاته لا يدري كم صلى. 

وجاء في حديث مُرسل: (لا يقبل الله من عبد عملاً حتى يشهد قلبه مع بدنه)(2)، وهو معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما: ليس للرجل من صلاته إلا ما عقل منها.

والواجب هو إبعاد الشواغل، وحَصْرُ الذهن في الصلاة ما استطاع الإنسان إلى ذلك سبيلا.

هذا أحسن ما اخترته من الأقوال الكثيرة في تفسيره هذه الآية.

 

********** 

(1) قال الهيثمي في (مجمع الزوائد): رواه البزار وفيه عبد الله بن واقد الحراني ضعفه النسائي والبخاري وإبراهيم الجوزجاني وابن معين في رواية، ووثَّقه أحمد وقال: كان يتحرَّى الصدق وأنكر على من تكلم به وأثنى عليه خيراً، وبقيَّة رجاله ثقات.

(2) قال الحافظ العراقي: رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي بن كعب وإسناده ضعيف.

                        المصدر مجلة منبر الإسلام السنة السابعة والأربعون، ذو القعدة 1409 - العدد 11


التعليقات