حكم أخذ القروض الربوية لشراء البيوت السكنية في الغرب

نص الاستشارة :

الخلاصة في مسألة القروض الربوية لشراء البيوت السكنية في الغرب 

الاجابة

استخلصت من كتاب: في فقه الأقليات المسلمة

لفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي([1])

 

بداية لا بد من التأكيد على ما اجتمعت عليه الأمة الإسلامية، من حرمة الربا، وأنه من السبع الموبقات، ومن الكبائر التي تؤذن بحرب من الله ورسوله، وكذلك لا بد من التأكيد على ما قررته المجامع الفقهية الإسلامية، من أن فوائد البنوك هي الربا الحرام.

وعلى المسلمين في الغرب أن يجتهدوا في إيجاد البدائل الشرعية، التي لا شبهة فيها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، مثل (بيع المرابحة) الذي تستخدمه البنوك الإسلامية، ومثل تأسيس شركات إسلامية تنشئ مثل هذه البيوت بشروط ميسرة مقدورة لجمهور المسلمين، وغير ذلك.

كما أن عليهم أن يفاوضوا البنوك التقليدية، لتحويل هذه المعاملة إلى صيغة مقبولة شرعا، مثل (بيع التقسيط) الذي يزاد فيه الثمن مقابل الزيادة في الأجل، فإن هذا سيجلب لهم عددا كبيرا من المسلمين يتعامل معهم على أساس هذه الطريقة، وهو ما يجري به العمل في بعض الأقطار الأوروبية، وهناك عدد من البنوك الغربية الكبرى افتتحت فروعا لها في البلاد العربية تتعامل وفق الشريعة الإسلامية، كما في البحرين وغيرها.

وقد انقسم العلماء في مسألة القروض الربوية لشراء البيوت السكنية في الغرب، إلى قسمين: قسم أجازها وفق ضوابط وشروط، وقسم آخر منعها.

المجيزون:

يرى بعض العلماء أنه إذا لم توجد البدائل المشروعة، واحتاج المسلم أن يمتلك بيتا لسكناه هو وأسرته، عن طريق القرض الربوي، فإنه يجوز له ذلك، وفق ضوابط وشروط، ذكر كل منهم بعضها، ويمكن إجمالها بما يلي:

أن يكون المسلم خارج دار الإسلام.

أن تتحقق فيه الحاجة لعامة المقيمين في خارج البلاد الإسلامية.

أن يقتصر على بيت للسكنى الذي يحتاج إليه، وليس للتجارة أو الاستثمار.

ألا يكون لديه بيت آخر يغنيه.

أن يكون هو مسكنه الأساسي.

ألا يكون عنده من فائض المال ما يمكنه من شرائه بغير هذه الوسيلة.

وقد أفتى بذلك:

بعض علماء الهند وباكستان، أفتوا بذلك قديما لبعض المقيمين في بريطانيا.

العلامة السيد محمد رشيد رضا صاحب (المنار)، في الفتوى رقم (717) من الجزء الخامس من فتاويه، ص 1974-1978.

اللجنة العامة بالكويت، بتاريخ 15 شوال 1405هـ، الموافق 02-07-1985. وقد كان تشكيل هذه اللجنة يضم: الشيخ بدر المتولي عبدالباسط، د. محمد سليمان الأشقر، د. محمد فوزي فيض الله، د. خالد المذكور، د. عبدالستار أبو غدة.

العلامة الشيخ مصطفى الزرقا – رحمه الله – في خمس فتاوى له نشرت في (فتاواه) من ص614 إلى ص626.

المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، في دورته الرابعة المنعقدة في مدينة (دابلن) بجمهورية أيرلندا في شهر رجب 1420هـ الموافق أكتوبر سنة 1999م .

رابطة علماء الشريعة في أمريكا، في البيان الذي أصدره مؤتمر علماء الشريعة في أمريكا الشمالية، المنعقد في الفترة من 10-13 من شعبان 1420هـ الموافق 19-22 نوفمبر 1999م.

العلامة الدكتور يوسف القرضاوي.

مستند الفتوى:

عملا بقاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) وما قرره الفقهاء من أن الحاجة قد تنزل منزلة الضرورة، خاصة كانت أو عامة.

 ما ذهب إليه أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن الشيباني، وهو المفتى به في المذهب الحنفي، وكذلك سفيان الثوري وإبراهيم النخعي، وهو رواية عن أحمد بن حنبل، ورجحها ابن تيمية، فيما ذكره بعض الحنابلة، من جواز التعامل بالربا، وغيره من العقود الفاسدة، بين المسلمين وغيرهم في غير دار الإسلام.

ومما يجدر التنبيه إليه ههنا أن بعض العلماء استدل بما ذهب إليه الأحناف استدلالا، وبعضهم استأنس به استئناسا فقط، وبعضهم لم يذكره مكتفيا بالاستدلال بالحاجة النازلة منزلة الضرورة.

المانعون:

يرى كثير من العلماء المنع من القرض الربوي، لشراء البيوت السكنية في الغرب، ولو تحققت الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، وأنه ينبغي الاكتفاء بالاستئجار كبديل عن التملك بغض النظر عن المزايا المعروفة التي تفوت المستأجر.

مستند الفتوى:

الاتجاه الفقهي- القائم على رأي الجمهور- والذي يرى تحريم الربا في دار الإسلام وخارجها، وأنه لا يباح إلا للضرورة الشرعية، والتي لم تتحقق في هذه المسألة لانعدام شروطها المعتبرة شرعا.

عدم انطباق هذه الحالة على مذهب الأحناف، لأن المرجح عندهم وفق ما رجحه محققوا الحنفية كالكمال بن الهمام في فتح القدير، وابن عابدين في رد المحتار، أن التعامل بالربا يجوز بشرطين وهما:

أن يكون المسلم هو الآخذ للربا.

وأن يقع التعامل مع الحربي في دار الحرب عن تراض منهما.

 وإن الشرطين السابقين غير متوفرين؛ لأن الدول الأوروبية- وغيرها من الدول غير الإسلامية- ليست دار حرب، علاوة على ذلك؛ فإن المسلم في هذه المسألة هو المعطي لا الآخذ، فاختلفت العلة التي استند القرار إليها.

وقد أفتى بذلك:

مجمع الفقه الإسلامي الدولي، بقرار المجمع 23 (11/3).

د. محمد البرازي.

د. صهيب حسن عبدالغفار.

د. نزيه حماد.

المناقشة:

وقد نوقشت أدلت المانعين بما يلي:

الأصل في تحريم الربا منصب على (أكل الربا) كما نطقت به آيات القرآن. وإنما حرم الإيكال سدا للذريعة، كما حرمت الكتابة له والشهادة عليه، فهو من باب تحريم الوسائل لا تحريم المقاصد. ومن القواعد الشهيرة هنا: أن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، وما حرم لسد الذريعة يباح للحاجة. ومن المعلوم أن أكل الربا المحرم لا يجوز بحال، أما إيكاله – بمعنى إعطاء الفائدة – فيجوز للحاجة، وقد نص على ذلك الفقهاء، وأجازوا الاستقراض بالربا للحاجة إذا سدت أبواب الحلال.

متقدموا أئمة الأحناف لم ينصوا في حكمهم بالتعامل بالربا على أخذ ولا إعطاء، بل أطلقوا القول في ذلك، وربما نصوا في بعض المصادر على عكسه. حيث ذكر الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، مما له تعلق بالاستدلال على هذه القضية، ما وقع لبني النضير من اليهود. كما جاء في (السير الكبير)، وكذلك في (شرح السير) (3/228، 229). وقد قال الشيخ ظفر العثماني: بعد نقله عبارة "شرح السير" المشار إليها سابقا: "انظر كيف جوز هذه المعاملة مع كون الزيادة فيها للحربي؟ وعلله بجواز الربا بين الحربي والمسلم، فظهر منه صراحة أن قولهم بجواز هذه المعاملة غير مشروط بما إذا حصلت الزيادة للمسلم، بل هو عام". لذلك فالعبرة للنتيجة في الحالتين أيهما أوفر لمال المسلم في دار الحرب، ولا شك أن طريقة الاقتراض من البنك الربوي بفائدة هي الأوفر لماله بمقتضى مذهب أبي حنيفة وعلته، فيكون ذلك جائزا، ولا سيما في حق العاجز عن شراء البيت من ماله.

دار الحرب عند الأحناف تعني: ما ليس بدار الإسلام، فتشمل دار العهد والموادعة، إذ التقسيم للدور عندهم ثنائي، كما هو معلوم. وليس المراد بدار الحرب في اصطلاحهم أن يكونوا في حالة حرب قائمة بينهم وبين المسلمين، بل المراد بدار الحرب أنها غير إسلامية، بل مستقلة غير داخلة تحت سلطة الإسلام.

تعقيبات السادة العلماء على الفتوى محل البحث

أولا: التعقيبات في مجموعة مجالس العلم

مجموعة مجالس العلم: مجموعة على الواتساب، تضم نخبة من العلماء وطلاب العلم، أنشأها وأشرف عليها فضيلة الأستاذ الشيخ مجد مكي، وينسق البحوث والفتاوى فيها فضيلة الأستاذ عبد الكريم خلف، ثم يعرضها على فضيلة الأستاذ الشيخ مجد مكي للمراجعة والتدقيق والعرض على العلماء وطلاب العلم.

 

تعقيب فضيلة الأستاذ الدكتور حمزة البكري

30/ 9/ 2015م

 (ما نسب إلى المذهب الحنفي في فتوى شراء البيوت في الغرب غير صحيح، أعني عبارة (جواز التعامل بالربا بين المسلمين وغيرهم في غير دار الإسلام).

فالمذكور في كتب المذهب هو: (لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب) فالحكم خاص بدار الحرب وليس عاماً في غير دار الإسلام.

وعللوه بأن مال المحاربين مباح في دارهم، فبأيِّ طريق أخذه المسلم كان مالا مباحا، بخلاف المستأمن؛ ﻷن ماله محظور بعقد الأمان. كما في "الهداية" للمرغيناني و"اللباب" للغنيمي.

فالحكم عند الحنفية إذن:

1- بين المسلم والحربي وليس الكافر عموما.

2- وفي دار الحرب وليس دار الكفر عموما.

3- وإذا كان المسلم هو اﻵخذ للزيادة وليس الدافع لها؛ ﻷن العلة هي إباحة مالهم بأي طريق، وهذه العلة واردة فيما إذا كانت الزيادة لصالح المسلم لا لصالح الحربي، وهذا ما صرح به ابن الهمام في فتح القدير وأيده ابن عابدين في حاشيته.

والشروط الثلاثة مختلة في الفتوى المذكورة، فلا ينبغي نسبتها إلى الحنفية).

2.

30/ 9/ 2015م

(الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله في فتاويه يخرج إباحة شراء البيوت في أمريكا وأوربا بناء على مذهب أبي حنيفة وصاحبه: أن من دخل دار الحرب مستأمناً بإذن منهم، يحل له من أموالهم ما يبذلونه له برضاهم دون خيانة منه.

وجعل العبرة فيما يستفيده المسلم من أموالهم، واعتبر دار الحرب كل أرض غير إسلامية غير داخلة تحت سلطة الإسلام ، ولا يشترط أن تكون في حرب حقيقية معهم).

 

3.

30/ 9/ 2015م

(موضوع شراء البيوت في الغرب ليس مبنيًّا على التعامل بالربا بين الحربي والمسلم، أصلا تصوير المسألة خطأ، فالمجوزون قالوا بأخذ المسلم الربا وليس بإعطائها، ولكن الذي فهمته من مشايخنا ومنهم سيدنا الشيخ ابن بيه أنها مبنية على التسامح بالعقود الفاسدة عند الحنفية في البلاد التي لا تحكم بالأحكام السلطانية).

4.

30/ 9/ 2015م

(لعدد من الإخوة العلماء المقيمين في الغرب تحفظ على فتوى مجلس الإفتاء الأوروبي).

ثانيا: التعقيبات بالبريد الإلكتروني

عرض فضيلة الأستاذ الشيخ مجد مكي، الفتوى عبر البريد الإلكتروني، على السادة العلماء، وتم التعقيب عليها من قبلهم، بما يلي:

1.

4 /10 / 2015م

(مضى على إقامتي في أمريكا سبع وعشرون عاماً، وقد عايشت هذا الموضوع منذ بدايته، وشاركت في المؤتمر الذي صدرت فيه فتوى الإباحة ونظمته رابطة علماء الشريعة بأمريكا عام ١٩٩٩م وحضره الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ وهبه الزحيلي رحمه الله. فأنا هنا لا أدلي برأيي الفقهي فحسب بل بشهادتي التي سيسألني الله سبحانه وتعالى عنها يوم الدين.

ظل فضيلة الشيخ يوسف حفظه الله على رأيه بالتحريم لشراء المنازل بالقرض الربوي سنوات عديدة إلى أن اجتمع حوله ثلة ممن الإخوة القاطنين في أمريكا وركزوا على مزايا الإباحة بالنسبة للمسلمين في أمريكا، وبذلوا جهدهم في إظهار الأضرار المحتملة التي  يجنيها المسلمون هنا في حال عدم تعاملهم بهذا كما تخيلوها. وأخيراً لان الشيخ وأصدر فتواه بالإباحة مع بعض القيود لأول مرة في مؤتمر رابطة الشباب العربي المنعقد في توليدو بولاية أوهايو عام: ١٩٩٥م، ثم صدرت فتوى مماثلة من المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث في أوروبا والذي يرأسه الشيخ يوسف، ثم من رابطة علماء الشريعة بأمريكا كما ذكرت آنفاً مع عدم استناد الفتوى هذه إلى الشرط الذي نص عليه الإمام أبو حنيفة وصاحبه محمد من كونها بين المسلم وغير المسلم في دار الحرب لاعتراض أكثرية الحاضرين للجلسة الختامية على ذكر هذا نظراً لمجافاته للحقيقة، ولما فيه من أذى قد يلحق بالمسلمين المقيمين في أمريكا فيما لو تم اعتبار أمريكا دار حرب. (علما بأن قريبا من نصف المجتمعين للتصويت لم يوافقوا على ما صدرت عنه هذه الفتوى- والدكتور وهبه الزحيلي والدكتور محمود الطحان وأنا منهم- علما بأنه لم تحسب أصوات الإخوة الفقهاء الهنود والباكستانيين القادمين من إنكلترا لعدم دعوتهم للتصويت لأنهم أعلنوا رأيهم بعدم الموافقة خلال المناقشات، وكان للإداريين القائمين على المؤتمر دور في هذا الأمر مع شديد الأسف).

أوجز هنا أهم الثغرات الفقهية في هذه الفتوى التي خالفت إجماع المجامع الفقهية بعدم الجواز خلا من اعتبر الربا الممارس حاليا مما لا ينطبق عليه الوصف الشرعي للربا، ومن المعلوم أن هذا صدر عن بعض علماء الأزهر والذي اعتبر آنذاك فتوى شاذة ليس لها شأن يذكر وكان الشيخ القرضاوي حفظه الله ورعاه على رأس من اعترض عليها في حينه والحمد لله.

النصوص المحرمة للربا أخذا أو إعطاء نصوص قطعية الثبوت والدلالة في القرآن والسنة كما هو معلوم للإخوة الفقهاء الذين أخاطبهم بحديثي هذا، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء بما فيهم أبو يوسف. أما أبو حنيفة ومحمد فقد استندا إلى أن أموال الحربيين مباحة للمسلم أصلاً وأخذها برضاهم عن طريق الربا يكون من باب الأولى، واستدلوا على رأيهم هذا بحديث مرسل مروي عن مكحول بألفاظ مختلفة. ذكره الإمام السرخسي في المبسوط بلفظ: (لا ربا بين المسلمين وبين أهل دار الحرب في دار الحرب) وذكره ابن الهمام في شرح فتح القدير بلفظ: (لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب) قال الإمام الزيلعي عن هذا الحديث: ( غريب) أي لا أصل له. وقال فيه النووي: (مرسل ضعيف فلا حجة فيه) وقال العيني في البناية: (هذا حديث غريب ليس له أصل مستند) (انظر الدراية في تخريج أحاديث الهداية: ٢|١٥٨) وقال ابن قدامه في المغني: ( وخبرهم مرسل لا نعرف صحته).

ومن المعلوم أن المسلم في أمريكا وأوروبا إنما يعطي الفائدة الربوية للحصول على هذا القرض لغير المسلم ولا يأخذها، وهذا مخالف لما أفتى به فقهاء الحنفية في هذه المسألة. وبهذا فلا يصح الاستشهاد برأي الحنفية في هذه المسألة، علماً بأن هناك أمرا سلبياً جدا لم يٌذكر لفضيلة الشيخ القرضاوي، وهو أن البنك يضع يده على المنزل بمجرد عجز المشتري عن دفع الأقساط الشهرية لمدة محددة جداً، ويعتبر ما دفعه المشتري سدادا للفائدة أولا، ومن ثم يذهب معظم ما دفعه المشتري في الغالب لصالح البنك. وفي هذا خسارة مالية كبيرة للمسلم.

بعد اعتراض أكثرية المشاركين في أمريكا على مسألة الاستدلال بدار الحرب قام الموافقون على الفتوى بالاستناد على القاعدة الفقهية التالية: (الحاجات العامة تنزل منزلة الضرورات في إباحة المحظورات) وأنا أتساءل- وقد تساءل معي الكثيرون-: ألا توجد حاجة عامة في ديار الإسلام لامتلاك المنازل أيضا فلم نقصر الأمر على من في الغرب؟! كيف نفرق في الحكم بين أمرين مجتمعين في العلة؟

وبما أن وضع المسلمين في أوروبا مشابه تماماً لوضعهم في أمريكا، فهم جميع لم يدخلوا هذه الديار إلا بطريقة نظامية مما يعني أنهم دخلوا بعقد أمان، فهم ليسوا في دار حرب أيضاً، وعليه فلا يجوز لهم الاعتماد على فتوى أبي حنيفة ومن وافقه لأنها لا تنطبق على حالتهم كذلك.

توسع الناس في الأخذ بهذه الفتوى بصورة عجيبة فتناسوا ضوابطها، فباع بعضهم منزله المتوسط المناسب ليشتروا بيتا فخماً، وقام آخرون بشراء أماكن للترويح بالربا، بل وصل الأمر ببعضهم لبناء مساجد بقرض ربوي مستندين أيضا لهذه الفتوى.

وأخيراً أقول لإخواني الفقهاء: أنتم تعلمون مصيبتنا الحالية في الهجرة الجماعية للمسلمين إلى أوروبا، وواجبنا الإسلامي يقتضي منا أن نتقي الله في فتوانا، وألا نسهم في إذابة المسلمين المهاجرين في المجتمع الغربي، علما بأن هناك مؤسسات إسلامية في أمريكا تعطي القروض لشراء المساكن وفق الشريعة الإسلامية من مرابحة أو إجارة منتهية بالتمليك. وقد عقد مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا مؤتمرا فقهيا خاصاً لهذه الشركات منذ سنتين، واستمع الأئمة والفقهاء لكل من القائمين على هذه الشركات، وتمت مناقشة ما قدموه من قبل اللجنة الدائمة للإفتاء التابعة للمجمع- وأنا بحمد الله عضو فيها- وخرجنا بتزكية شركتين نالتا المواصفات الشرعية. وقد تزاحم المسلمون بعد هذا للحصول على قرض من إحداهما والحمد لله. وأعتقد أن لدى إخواننا في أوروبا جهودا في هذا المجال. وأرى أن علينا أن نشجع هذه البدائل الإسلامية حتى يحافظ لمسلمون المغتربون على دينهم الذي هو أثمن ما لديهم. وأنا أعتقد أن نية من أصدر فتوى الجواز طيبة تهدف لمساعدة المسلمين، فهم اجتهدوا ولكنهم أخطؤوا. ونحن الآن أمام تحد كبير هو: كيف نعين هؤلاء المغتربين على التمسك بمبادئ دينهم الحنيف؟ اللهم وفقنا لهذا بمنك وكرمك وأقمنا في أحب المواطن اليك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين).

4.

خبير في الموسوعة الفقهية الكويتية

التعقيب الأول:

5 /10 / 2015م

(الراجح عندي بل الحق هو ما ذهب إليه الأستاذ الغلاييني؛ من تحريم الربا من أجل المساكن أو غيرها، وفي أوربا أو غيرها، والله تعالى أعلم).

التعقيب الثاني:

28 /2 / 2016م

   (أؤيد رأي وفتوى الدكتور حمزة البكري من أن المذهب الحنفي يبيح أخذ الربا في دار الحرب وليس دفعه، وأشير إلى أن لجنة الأمور العامة للفتوى في دولة الكويت أفتت بعد فتواها السابقة المشار إليها من قبلكم بحرمة شراء هذه البيوت بالربا في دار الحرب أو الدار غير الإسلامية، وأباحوا فقط لمن لا يجد مسكنا مطلقا في تلك الدار مع حاجته إليه أن يشتري خيمة على الرصيف بالربا إذا لم يجد غير ذلك، لأن الضرورة هنا تظهر فقط، والله تعالى أعلم.(

ثالثا: التعقيبات عبر الفيسبوك

تعقيب فضيلة الأستاذ الدكتور عمار مُنْلا

‏25 /10 / 2015‏م

(فتوى مهمة ولكن نحن بحاجة دائمة لمراجعة آثارها، والتنبيه على شروطها وتفاصيلها،

فقد رأيت بعضهم اشترى قصرا في كندا انطلاقا من هذه الفتوى).

وقد كتب هذا التعقيب تحت الفتوى المنشورة، على صفحة الباحث على الفيسبوك.

https://www.facebook.com/AKhaledMohamadAbdullah?fref=nf

الجواب على تعقيبات السادة العلماء

1/ 3/ 2016م

أجاب الباحث خالد محمد عبد الله، على تعقيبات السادة العلماء بما يلي:

أتقدم بالشكر الجزيل لأساتذتي الأكارم السادة العلماء الفقهاء الفضلاء على تعقيباتهم الطيبة القيمة البنَّاءة النافعة المثمرة.

الخاتمة:

بعد عرض رأي المانعين لأخذ القروض الربوية لشراء البيوت السكنية في الغرب، ورأي المجيزين لها، والاطلاع على تعقيبات السادة العلماء في المسألة، يظهر للباحث ما يلي:

1.

أدلة المجيزين غير مسلمة، وهي محل نظر كبير، وبعض ما سيق فيها ينطبق على المسلمين المقيمين في البلاد الإسلامية، بل ربما تكون حاجتهم للسكن أكبر.

هذه المسألة تندرج ضمن المناط الخاص، والتي ينظر فيها لكل حالة على حدة، لتقدير حالة الضرورة فيها، وإنزال الفتوى عليها.

وبالنظر للفترة الزمنية التي صدرت فيها الفتوى من قبل المجيزين، فإن المصارف الإسلامية لم يكن لها حضور كبير كما هو الآن، مما يستدعي إعادة النظر فيها من قبل أصحابها.

يوصي الباحث المراكز الإسلامية في الغرب، والجالية الإسلامية هناك، التعاون والعمل على المطالبة بفتح مزيد من النوافذ الإسلامية في البنوك العاملة هناك، وإنشاء المؤسسات المالية الإسلامية من قبل المستطيعين ودعمها.

والله أعلم.

وختاما أسأل الله السداد والإخلاص.

 


 -[1]القرضاوي، يوسف. في فقه الأقليات المسلمة حياة المسلمين وسط المجتمعات الأخرى، القاهرة: دار الشروق، 1422هـ- 2001م، ط1، ص90- 116. (تلخيص بتصرف).


التعليقات