هل يعد حكم القاضي غير المسلم نافذا على المسلمين في بلاد غير المسلمين

نص الاستشارة :

سؤال: في أوربا امرأة تريد الخلع من زوجها، وأقامت دعوى في المحكمة، ولا تريد زوجها، فأمر القاضي الزوج بالتطليق، ولما رفض أوقع القاضي الطلقة، هذا حكم شرعي صحيح.

لكن السؤال هنا: كونه صادرا من محكمة أوربية، هل يحتاج الأمر إلى قاضي شرعي، ويذهبان إلى قاض مسلم أم يُكتفى بحكم المحكمة الأوروبية؟

الاجابة

بسم الله الرحمن الرحيم

هل يعد حكم القاضي (غير المسلم) نافذاً 

على المسلمين (في البلاد غير الإسلامية)؟ 

مجالس العلم 

 

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

إذا كان القاضي كافراً، وأحكام القضاء غير مراعية للشريعة أصلاً، فكيف يكون حكمه نافذاً؟! 

والقانون الذي تبنى عليه أحكام القضاء...

تعليق الأخ ياسر نجار: 

ما العمل؟

تعليق الدكتور خالد محمد الله: 

الطلاق الواقع في المحاكم الغربية واقع من الناحية القانونية اتفاقاً، وأما من الناحية الشرعية ففيه خلاف، وعليه فاﻷحوط إن كانت هناك مراكز إسلامية مراجعتها حفاظاً على سير  الإجراءات الشرعية بشكل صحيح. ويرى المجلس اﻷوربي للإفتاء وقوع طلاق القاضي غير المسلم.

 بينما يرى مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية أن طلاق القاضي غير المسلم إجراء قانوني غير ملزم شرعاً، وإنما الواجب الرجوع للعلماء في المراكز اﻹسلامية من أجل الإجراءات الشرعية، والرجوع للمحاكم المدنية من أجل الإجراءات القانونية. 

وقد جاء نص قرار المجلس الأوروبي للإفتاء في هذا الموضوع في (الدورة الخامسة [4-7 مايو 2000م] (30محرم-3صفر 1421هـ)

 

بالقرار 3/5 حكم تطليق القاضي غير المسلم:

[الأصل أن المسلم لا يرجع في قضائه إلا إلى قاض مسلم أو من يقوم مقامه، غير أنه بسبب غياب قضاء إسلامي حتى الآن يتحاكم إليه المسلمون في غير البلاد الإسلامية، فإنه يتعين على المسلم الذي أجرى عقد زواجه وَفْق قوانين هذه البلاد، تنفيذ قرار القاضي غير المسلم بالطلاق؛ لأنَّ هذا المسلم لما عقد زواجه وَفْق هذا القانون غير الإسلامي، فقد رضي ضمناً بنتائجه، ومنها: أن هذا العقد لا يحلُّ عروته إلا القاضي. وهو ما يمكن اعتباره تفويضاً من الزوج جائزاً له شرعاً عند الجمهور، ولو لم يصرِّح بذلك؛ لأن القاعدة الفقهية تقول: (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً)، وتنفيذ أحكام القضاء ولو كان غير إسلامي جائز في باب جلب المصالح ودفع المفاسد وحسماً للفوضى، كما أفاده غير واحد من حذاق العلماء كالعز بن عبد السلام وابن تيمية والشاطبي].

في حين أن مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا نص بيانهم الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام 1425هـ الموافق 22-25 من يونيو لعام 2004 م على:

 " أنه يرخص في اللجوء إلى القضاء الوضعي عندما يتعين سبيلا لاستخلاص حق أو دفع مظلمة في بلد لا تحكمه الشريعة، شريطة اللجوء إلى بعض حملة الشريعة لتحديد الحكم الشرعي الواجب التطبيق في موضوع النازلة، والاقتصار على المطالبة به والسعي في تنفيذه ".

وجاء فيه : " المحور السابع : مدى الاعتداد بالطلاق المدني الذي تجريه المحاكم خارج ديار الإسلام:

بَيَّن القرار أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقا شرعياً فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية وذلك على يد المؤهلين في هذه القضايا من أهل العلم لإتمام الأمر من الناحية الشرعية، ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة لتوافر المراكز الإسلامية وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق" انتهى.

 

تعليق الأخ محمد ياسر عرنوس: 

الذي أعرفه أنه لا يصح وقوع الحكم بالطلاق من القاضي غير المسلم .

قال تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} خبر يراد به الأمر.

تعليق الأخ مصطفى بيلوني: 

أحسنت شيخ محمد ياسر، والله أعلم هذه هي الفتوى الصحيحة. 

تعليق الأخ ياسر نجار:  

لكن قد تطلب المرأة من الزوج الذهاب إلى المركز الإسلامي، ويرفض الزوج الذهاب!

وبعد قراءتي لما سبق فالظاهر ما عليه المجلس الأوربي، والله أعلم. 

وإلا فتصبح المرأة معلقة، أو نطالبها بالذهاب لبلد فيه محكمة شرعية، وتقيم دعوى هناك!! مشقة لا تحتمل، ثم لو رضي الزوج وذهب إلى المركز الإسلامي، فالمركز ليس له صفة إلزام، مشاكل لها أول وليس لها آخر. 

تعليق الدكتور خالد محمد الله: 

| الشيخ فيصل مولوي : هذا هو الحكم الشرعي في تطليق القاضي غير المسلم - Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين | - 

http://goo.gl/ueBYal

.....................

Farraj Law Firm:. - http://www.farrajlawyer.com/viewTopic.php?topicId=279 

.....................

البحثان السابقان فصَّلا في المسألة. 

وكتب العلامة الشيخ أحمد الكردي بعدما أرسلت إليه هذا الملف : 

لا ينفذ حكم القاضي غير المسلم على المسلمين مطلقا، لقوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}. والله تعالى أعلم.

وكتب لي الأخ الكريم أنيس قرقاح من فرنسا : 

السلام عليكم ورحمة الله :

فضيلة الشيخ مجد مكي: بارك الله فيكم على طرح موضوعات فكرية واجتماعية وفقهية للحوار والنقاش بين أهل الاختصاص .

بالسبة لموضوع تطليق القاضي غير المسلم على المسلم .فالموضوع -كما تفضلتم- ناقشه المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث وأصدر فيه القرار الذي أوردتموه . 

يبقى أن نخبر السادة الباحثين والفقهاء خارج أوروبا أن أغلب دول أوروبا كفرنسا مثلا لاتعطي حقا للأقليات الدينية أن تنظم أحوالها الشخصية مثلا وفق ما يقتضيه دينها .

 فالأئمة والقساوسة والرهبان لاحقَّ لهم قانونا أن يجروا عقود النكاح إلا إذا تمت أولا في البلديات، وحصل الزوجان على عقد مدني. فإذا أرادوا  - بعد ذلك- أن يقوموا بعقد ديني فهذا من شأنهم، ولكن هذا العقد الديني ليس له أي قيمة قانونية، وكذلك الأمر بالنسبة للطلاق . 

لذلك أصدر المجلس الأوروبي قراره بهذا الشأن؛  لأن عددا من الرجال يسيئون إلى زوجاتهم ويحرمونهنَّ من كثير من حقوقهن ، ولاتجد المراة حلا إلا اللجوء إلى القضاء، ولأن الأئمة لاسلطة لهم على الناس إلا النصيحة والتذكير .

 وما أكثر النساء اللائي تزوَّجن زواجا عرفيا، وتركهنّ أزواجهنّ، وذهبوا وبقين معلَّقات، ولا يستطيع أحد أن يحلَّ لهنَّ مشاكلهنَّ . والله المستعان . 

أخوكم: أنيس قرقاح.

وكتب الأخ الباحث الأديب المحقق الأستاذ محمد زاهد أبو غدة من كندا : 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله أن تكونوا بخير وعافية.

يلزم أولا تصحيح العنوان من: في أوربا. إلى: البلاد غير الإسلامية. 

ثانيا: أغلب الدول اليوم تجعل الطلاق قرارا قضائيا حتى لو اتَّفق الزوجان على الطلاق، فالقضية لا بد لها من المرور بالدولة، والحصول على حكم قضائي حتى تستقيم معايش الناس، وتحفظ أنسابهم، وتقسم تركاتهم وما إلى ذلك. 

ثالثا: في هذه الدول لا يجوز قانونا لأي جهة أن تصدر قرارا بالطلاق، ويعدون من يفعل ذلك متعديا على سلطات الدولة.  

رابعا: كثير من الأزواج إذا وصل الزواج لحدٍّ لا يمكن الاستمرار فيه، يجعلون من قضية الطلاق الشرعي وسيلة يتحكمون فيها بزوجاتهم انتقاما واستغلالا لإسقاط مؤخر أو التخلي عن حقوق. 

خامسا:العضل منهي عنه شرعا وهو جريمة تستحق العقاب لما في من ضرر شخصي واجتماعي. 

سادسا: في المقابل ينبغي أن نشير أن كثيرا من الزوجات يذهبن للقضاء، ويأخذن ما هو ليس بحقهن طمعا وانتقاما.

سابعا: حتى لو قبل الزوجان التحكيم الشرعي، لا يملك المحكِّم وسيلة لإنفاذ قراره، وغالبا ما يرفض المحكوم عليه تنفيذه، أما من حُكم له فيرحب به. 

لذا أرى أن الوسيلة الوحيدة في الغرب لنفوذ الطلاق هي: 

١- الطلاق بالتراضي الحر الحقيقي والحصول على حكم قضائي لا يتدخل في تفاصيل أيّ تسوية تتم بين الزوجين. 

٢- الطلاق عن طريق المحكمة في حالة عضل الزوج أو شكوى الزوجة للمحكمة طمعا في تسوية تعطيها ما ليس لها شرعا. 

وفي هذه الحالة نقول لهم: الطلاق واقع قانونا وشرعا، ولكن الطرف المخالف للشرع هو مسؤول عن مخالفته أمام الله عزوجل. 

مثال ذلك: رجل حصل على ما ليس حقه بشهادة زور في محكمة مسلمة.

هو مالك أمام القانون ويتعامل الناس معه على أساس حكم المحكمة، وهو محاسب عند الله عما اقترفه. 

هذا ما بدا لي على ضوء تجربتنا في الغرب، والله تعالى أعلم. 

 

 

والحمد لله رب العالمين

مجالس العلم

تنسيق: عبد الكريم خلف

مراجعة وتدقيق: الأستاذ الشيخ مجد مكي

تاريخ المناقشة بين: [10-11/8/2015م]


التعليقات